الكسل ليس عيباً بل أرقى أنواع النعم.. ليس صفة سيئة طالما حقق صاحبها دخلاً جيداً ونجاحاً ساحقاً.. فالنعيم والعيش المترف هما في النهاية راحة وعيش بلا مجهود.. تأمل كافة الاختراعات الحديثة تلاحظ أنها تسعى دائماً إلى إراحتنا وعدم تحميلنا مجهود القيام بشيء.. قبل أيام قرأت أن سامسونج تفكر بابتكار هاتف يعمل تلقائياً وتضيء فيه لوحة الأزارير بمجرد تفكيرنا بالاتصال بأحد.
الحقيقة هي أن السعي (للكسل النهائي) هو بحد ذاته سعي للغنى والنجاح النهائي.. ليس عيباً بل هو تصرف ذكي أقل ما يقال عنه إنه "توفير للطاقة والمجهود".. ليس عيباً طالما حقق الكسول بفضله دخلاً مادياً كبيراً يفوق مايحققه المتعبون من الناس.. من قال إنك يجب أن تجتهد وتتعب كي تحقق ثروة كبيرة أو دخلاً كافياً. لو كان هذا صحيحاً لرأيت سائق التاكسي أغنى من الراجحي، وموظف الأرشيف أغنى من بيل جيتس.. الصحيح هو أن الجلوس بلا حراك بغرض التفكير البناء هو ما قد يحقق لك الثراء ويختصر عليك سنوات التقاعد.. قبل فترة استعرضت قصة هنري فورد مؤسس شركة "فورد" الذي كان يطرد أي عامل يتحدث مع زميله أو يبتعد عن خط الإنتاج بمسافة متر فقط. وذات يوم زاره في مصنعه صديقه المخترع المعروف توماس أديسون وأثناء جولتهما في المصنع اقترب الاثنان من رجل من عمال المصنع يغط في نوم عميق.. وأمام دهشة أديسون توقف فورد بهدوء وهمس في أذن أديسون طالباً منه التراجع كي لا يزعجا الرجل ويوقظاه من نومه.. عندها قال أديسون باستغراب: لم أعهدك بمثل هذا التسامح مع العمال.. فقال فورد: لا تستغرب ياعزيزي؛ فبعد كل غفوة يتحفنا هذا الرجل بفكرة جديدة أو تقنية مدهشة..
من حقك الاندهاش من هذه القصة ولكن لا يمكنك إنكار أن أعظم الإنجازات لا تتطلب بالضرورة قدراً مضنياً من الجهد والعرق والتعب. بل على العكس تماماً يبدو أن سنة الله في خلقه هي محاولة فعل العكس تماما (العمل بأقل جهد وطاقة لتحقيق أكبر قدر من الربح والمكسب).. خذ كمثال أي موظف أو عامل يعمل لديك في المكتب أو المنزل؛ ستلاحظ سعيه الدائم إلى إراحة نفسه وتخفيف الضغط الملقى على عاتقه وفي نفس الوقت يطالبك بأكبر راتب ودخل ممكن..
وفي عالم الحيوان تحاول ذوات الأنياب اصطياد فرائسها بأقل جهد ممكن من خلال التربص وانتظار حضور الفريسة بنفسها وحتى حين تقرر الانطلاق خلفها قد تتوقف فجأة مدركة أن بذل المزيد من الجهد لا يساوى القيمة الغذائية للفريسة.. أما في الفضاء الخارجي فمن الملاحظ أن الكواكب وكافة الأجرام تدور دائماً في المسار الأكثر سهولة والأقل جهداَ بالنسبة لها (وهو المسار الذي تتعادل فيه جاذبية الشمس مع قوة الطرد للكوكب ذاته).. ونفس الظاهرة تلاحظ على مستوى الذرة والإلكترونيات حيث تدور الأخيرة حول النواة في المدار الأكثر راحة وتوفيراً للجهد والطاقة (وترفض مغادرة مدارها المريح بغير طاقة خارجية أعظم)!
... وبما أنك جزء من هذا الكون فمن حقك أيضاً محاولة تحقيق أكبر مكسب بأقل جهد وصولاً لمستوى الكسل النهائي.. وهذه ليس نصيحة بل لوحة إرشادية تخبرك بعدم وجود طرق أخرى أمامك.. فإما أن تصل لمستوى "الكسل النهائي" مع أكبر دخل ممكن؛ أو تبذل "الجهد الأقصى" مع أقل دخل ممكن..
وبصراحة؛ سائق التاكسي، وموظف الأرشيف مجرد مثالين بسيطين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق