الخميس، 12 ديسمبر 2019

هل للزومبي ودراكولا أصل طبي؟


شخصية (دراكولا) استعيرت حتى الملل في روايات الرعب وأفلام السينما، ولكنها في الأصل اقتبست من شخصية حقيقية لقائد روماني يدعى (فلادير دراكيول) دحر العثمانيين عام 1456 واشتهر بشرب دماء الأسرى في حفلات ماجنة.. واليوم اتضح أنها حالة قد تحدث فعلا حين يجتمع الاضطراب النفسي مع نقص حاد في كريات الدم الحمراء الأمر الذي يجعله ميالا لشرب الدماء وتهربه من ضوء الشمس (كما يفعل دراكولا) بسبب لونه الشاحب!

وحالة دراكولا مجرد مثال ونموذج لتصرفات غريبة أو شاذة تعود في أصلها الى أمراض حقيقية لم يسمع فيها معظمنا..

خذ كمثال حالة نفسجسدية تدعى بايكا تدفع المرء لتناول أشياء غريبة وغير معتادة تتراوح بين العقارب والصراصير والعناكب وآخرين يأكلون الزجاج والخشب والمعادن و"الزلط".. ومعظم المصابين بهذا الدافع يدركون تميزهم ويستغلون موهبتهم لتقديم عروض جماهيرية مربحة لا تتضمن خدعا من أي نوع.. والغريب أنهم لا يصابون بأذى جراء تناولهم المخلوقات السامة - أو الأجسام الحادة التي يعودون لإخراجها بالطريقة المعتادة..

أيضا هناك سندروم نادر يصيب الجهاز العصبي فيؤثر في حركات وتصرفات الانسان ويجعله يسير بطريقة آلية غريبة.. فبسبب تآكل بعض نهايات الأعصاب لاتصل أوامر الدماغ بالشكل المطلوب فيسير المرء ويتصرف كالرجل الآلي أو الزومبي (الجثث المتحركة) التي نراها في أفلام الرعب.. وقد يصل الضرر الى عضلات اللسان وحبال الحنجرة فتتغير نبرة أو لهجة الانسان ويظنه البعض يتحدث بلغة جديدة أو أن جنيا عاطلا عن العمل دخل فيه!

... ومن جهة أخرى سمع معظمنا أو قرأ عن انجازات شخصية غريبة دخلت كتاب جينيس للأرقام القياسية؛ فهذا يأكل ثلاثين دجاجة في جلسة واحدة، وذاك يشرب 10 جالونات ماء في اليوم، وتلك تأكل قطعا بلاستيكية وكاسات زجاجية.. ولكن ما لا يعرفه معظمنا أن أغلب هذه الانجازات مبنية على ميول فسيولوجية أو أمراض نادرة لم يسمع بها اكثر الأطباء فضلا عن عامة الناس!

فالسهاف مثلا مرض يسبب العطش الشديد بحيث يضطر المريض لشرب الماء بشكل دائم ومستمر؛ ويعتبر الشاب "فاني مير" من جوهانسبيرج أوضح مثال لهذا المرض. فخلال النهار فقط يشرب عشرين غالونا من الماء لإطفاء عطشه الدائم. اما السويدية "هلغا اندرسون" فشربت ما مجموعه (87600) غالون من المياه بين عامي 1922 1971 (بمعدل خمسة غالونات فى اليوم) !

وفي المقابل هناك مرض "الصنور" او الشره الكبير للطعام.. وهذا المرض ليس ناجما عن شهوة ورغبة في الأكل بقدر ما هو عجز الجهاز الهضمي عن تمثيل الغذاء بشكل كامل؛ فالمصاب بهذا المرض يضطر لأكل "الكثير الكثير" كي يستخلص "القليل القليل" الأمر الذي يجعل معظم المصابين فى حالة نحف دائم.

وأول حالة معروفة كانت للطفل ماتيو داكنج الذي عاش عام 1743 وفاقت كمية طعامه اليومي (24) كلغم ولم يتجاوز التاسعة من عمره . اما أشهر حالة معاصرة فهو الاميركى "ادوارد ابراهام" الذي عرف بمشاركاته في مسابقات التخمة والأكل المفرط - ودخل كتاب جينيس من هذا الباب..

الحقيقة هي أن هناك أمراضا ليست فقط استثنائية ونادرة (لدرجة قد يتخرج الطبيب ويتقاعد دون أن يراها أو يسمع بها) بل وقد تفسر تصرفات غريبة وشخصيات شاذة كنا نعدها خيالية أو لا توجد إلا في عالم السينما.. وخذ دراكولا والزومبي كمثال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...