الاثنين، 9 ديسمبر 2019

لولا الاختراعات لما بقي البشر


نعم أيها السادة؛ فلولا قدرتنا على الابتكار والاختراع لانقرضت البشرية منذ وقت طويل.. فالإنسان من أضعف المخلوقات ويصعب عليه مواجهة محيطه دون ابتكارات.. فهو لايملك حواسَّ خارقة، ولا يمكنه التغلب على الحيوانات المفترسة، ويعجز عن البقاء في الظروف القاسية والمتطرفة بل ولا يملك فرواً أو شعراً أو شحماً يحمي جسده مثل كافة المخلوقات.

غير أن قدرته على الاختراع (وابتكار ما يعوض نقصه الجسدي) مكنته دائماً من التغلب على العوائق والسيطرة مبكراً على بقية المخلوقات حوله.. وهكذا يمكن القول إن الابتكارات قديمة قِدم التاريخ ووجود الإنسان على كوكب الأرض.. قديمة.. لأن مجرد وجوده في الحاضر يؤكد دورها في إنقاذه وإيصاله إلى هذه المرحلة من التحكم والتقدم!

كان عالم الأجناس جون بروكمال قد بعث برسائل إلى عدد كبير من العلماء والمفكرين تتضمن سؤالاً مشتركاً عن "أهم اختراع في الألفي عام الماضية؟"

ورغم أنني تمنيت لو أنهى سؤاله بجملة "خلال التاريخ؟" استلم إجابات تستحق التأمل من بينها المطبعة والكهرباء والنار والرياضيات والنظارات والسفن والرعاية الصحية وحبوب منع الحمل وفكرة التعليم المجاني.. فهناك مثلاً خبير الكمبيوتر كريستوفر لانجتون الذي اختار العدسات التي ساهمت في توسيع عالمنا ومدى رؤيتنا من التلسكوب والميكروسكوب إلى النظارات والعدسات اللاصقة! وهناك أيضا عالم الجراثيم جيمس جاي الذي اختار نظام الرعاية الصحية كونه أنقذ حياة الملايين ورفع متوسط العمر لدى معظم الشعوب.

أما الكاتب الساخر دوجلاس روشكوف فاختار الممحاة وكل ما يمكنه محو أخطائنا ثم البدء والمحاولة من جديد بدءاً من ممحاة القلم إلى مفتاح الحذف في الكمبيوتر.. أما الكاتب العلمي تور نوريتراندرس فرشح المرآة التي مكنت الإنسان من رؤية وجهه لأول مرة ودخلت كمكون رئيسي في أجهزة وتقنيات كثيرة.. أما أستاذ الفنون هوارد جاردنر فرد برسالة طويلة تضمنت قوله: "حين تتأمل كافة الابتكارات المدهشة تكتشف أنها تستعمل في جانبي الخير والشر على حد سواء، باستثناء الموسيقى الكلاسيكية والفنون الجميلة التي تستعمل في جانب الخير فقط".

الحقيقة هي أن القائمة تطول لتشمل تقنيات حديثة مثل الكمبيوتر والإنترنت والسينما والهاتف ووسائل المواصلات.. وقد أحتاج لثلاث مقالات لاستعراضها كلها.. ورغم أنني لم أتلق ردوداً مماثلة إلا أنني أملك هذه الزاوية ويمكنني قول ما أشاء فيها.. ولكن قبل أن أخبركم برأيي يجب أن نفرق أولاً بين الاختراع، والاكتشاف، والإنجازات المدنية.. فأعظم الاختراعات في نظري ليست السيارة أو الطيارة أو الغواصة النووية بل الآلات البسيطة التي تدخل ضمن مكوناتها المعقدة كالعتلة والرافعة والعجلة وقضبان التوازن (وهي بالمناسبة من أقدم الاختراعات في التاريخ)!

أما أعظم الاكتشافات برأيي فهي الطاقة (بدءاً من النار والفحم، ووصولاً لعصر النفط والكهرباء) كونها شكلت محضناً ومحركاً لكافة الابتكارات القديمة والحديثة... ولك أن تتخيل حياتنا دون كهرباء أو بترول!

أما أعظم الإنجازات القديمة فهي الكتابة وسبك المعادن والزراعة (حيث ساهم الاستقرار على ضفاف الأنهار في ظهور الحضارات القديمة).. أما في عصرنا الحديث؛ فهناك التعليم المجاني، والرعاية الصحية، والحقوق المدنية، والمصانع الضخمة (كونها منحت جميع الناس الحق في التعليم، والصحة، والكرامة، وامتلاك سلع رخيصة ومعقدة في نفس الوقت)!.

أقول قولي هذا وأنا محرج من عدم ذكر برنامج وورد الذي أكتب بواسطته مقالاتي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...