الاثنين، 9 ديسمبر 2019

السوق الإلكتروني لبيع الأطفال


الإنترنت لم تغير فقط طريقتنا في البيع والشراء، بل حولت العالم بأكمله الى سوق كبير.. أصبح بإمكاننا اليوم تجاوز حدودنا المحلية والبحث عن أفضل سلعة من الصين واليابان أو أمريكا والبرازيل.. أصبح من السهل شراء منتجات كثيرة عبر الكمبيوتر (بطقة زر) بدل البحث عنها في أسواق المدن المزدحمة.

غير أن الانفتاح العالمي ذاته ساهم في ظهور منتجات استثنائية وغير أخلاقية - لم تكن لتظهر لولا ظهور الانترنت ذاتها.. فقد ساهمت الانترنت مثلا في ظهور مزادات ومواقع عالمية تتاجر في الأطفال، والرقيق الأبيض، وتهريب المهاجرين، وشراء البويضات، وعقد صفقات المخدرات، وبيع المواد والعقاقير الممنوعة - ناهيك عن تنسيق الأعمال الإرهابية والترويج للأعمال الإجرامية.

دعونا نكتف اليوم بتجارة الأطفال (بغرض التبني) وتأجير الأرحام (للعاجزين عن الإنجاب) التي تنشط من خلال الانترنت السوداء (حيث لا تظهر المواقع المشبوهة في محركات البحث العادية).

ففي هذه المواقع يقوم السماسرة ببيع الأطفال الرضع، وتأجير الأرحام لنساء ثريات لا يمكنهن الإنجاب.. فالراغبون مثلا في تبني الأطفال ما عليهم سوى النقر على صورة الطفل المطلوب من بين الأطفال المعروضين حول العالم.. يحتاجون للمرور بعدة خيارات مثل جنس الجنين ولونه وبلده الأصلي ثم تظهر صورة أقرب طفل للمواصفات المطلوبة - بجانب مبلغ البيع أو تاريخ المزايدة عليه مع عائلات أخرى.

والعجيب ان معظم هذه المواقع كانت شرعية في أمريكا وبريطانيا حتى عام 2004 حين برزت قضية الطفلتين التوأم كيمبرلي وبليندا وشغلت الصحف في البلدين..

ففي عام 2001 أعلن أحد المواقع عن توفر توأمين للتبني من والدة مطلقة تدعى تراندا ويكر.. وتم بالفعل إجراء مزاد عالمي عليهما انتهى بفوز والدين من أمريكا.. غير أن الموقع عاد وباع الطفلتين على والدين من بريطانيا دفعا ضعف المبلغ.. وحينها أبلغ الوالدان الأميركيان جمعية فلينتشاير للخدمات الاجتماعية التي أقامت دعوى لوضع التوأم تحت وصاية المحكمة.. وبسبب الضجة التي أثارتها هذه القضية تم إقفال معظم مواقع التبني في بريطانيا وأمريكا!

غير أننا نعرف أن إغلاق المواقع بشكل رسمي لا يعني اختفاءها من النت بشكل نهائي.. فمواقع بيع الأطفال هذه الأيام تقدر بستة أضعاف عددها حين برزت قضية كيمبرلي وبليندا.. كما دخلت على الخط مواقع كثيرة توفر أطفالا من الصين وتايلند والفيلبين وأمريكا اللاتينية - ناهيك عن نساء فقيرات يرغبن بتأجير أرحامهن لزرع بويضات مخصبة للأبوين الحقيقيين.

وحسب مجلة لكسبريس الفرنسية تمتهن مهاجرات من شمال أفريقيا وأوروبا الشرقية تأجير أرحامهن في أوروبا مقابل مبالغ طائلة تصل الى 50 ألف يور للجنين الواحد.. أما في آسيا فتنتشر هذه التجارة في الهند وتايلند والفيلبين ولاوس (حيث تنشط أيضا تجارة بيع الأعضاء البشرية عبر الانترنت).. ففي مدينة أناند الهندية مثلا أصبح تأجير الأرحام مصدر الرزق الرئيسي لنساء المنطقة، أما الزبائن فأثرياء هنود وأمريكان وأوربيون وروس تجمعهم عيادات التخصيب في مستشفى كيفال المحلي!

كل هذا ولم نتحدث عن تجارة الرقيق الأبيض، وبيع بويضات المشاهير، وتهريب المهاجرين والمخدرات، وشراء العقاقير الممنوعة، والترويج للإرهاب والأعمال الاجرامية (من خلال مواقع لا تظهرها محركات البحث ولا يتمكن من الدخول عليها عامة الناس تعرف بالانترنت السوداء)!!

بدون شك؛ فإن كانت النار أعظم اكتشافات الانسان، والكتابة أعظم اختراعاته، فإن الانترنت أعظم شيء قلب حياته رأساً على عقب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...