الاثنين، 22 فبراير 2021

عشرة اسباب لعدم الاستثمار بالخارج

 في آخر مقال «لا تبتعـد عن عقاراتك»، أشرت إلى أن الميزة الأساسية في العقارات هي حفظ الثروة وتحويلها إلى أصول مستقرة تتحكم فيها، وتورثها لأبنائك، وتضمن وجودها قربك. وهذا المطلب لا يتحقق في أي عقار تشتريه خارج دولتك بسبب صعوبة متابعته وإدارته واحتمال انقطاع صلتك بـه.

مـا لم تكن مليارديرا يملك طائرة خاصة، وجيشا من المحامين، لا أنصحك بشراء عقار "خارج دولتك" لـعـشرة أسباب رئيسة:
1) لأن قوانين التملك والإيجار والضرائب وتحويل الأموال ورسوم الخدمات (ووو) إما تختلف عن دولتك، أو لا تعلم بوجودها أصلا.
2) لأن قدراتك المادية "وظروف وقتك وعملك" لا تسمح دائما بالسفر لمتابعة أملاكك "وفي حال سمحت، ستخصم تكاليف السفر من أرباحك".
3) وبما أن عـمر العـقار "طـويل جـدا" هـل تضمن عـيشك للفـترة نفسها؟ هل سيتابعه أبناؤك من بعـدك؟ هل ستحقق أرباحا مجزية فـيما تبقى من حياتك؟
4) والحقيقة هي أن معظم المشاريع الموجهة للأجـانب تسوق كـمجسمات "غير مكتملة" بهدف استقطاب الأموال أولا، والوعـد ببناء المشاريع ثانيا.
5) ولهذا السبب، كثيرا ما تتوقف الشركات المـنفذة عن إكمال المشروع بعد جـمع الأموال ــ ودائما لأسباب قانونية أو خارجة عن إرادتها أو لأنهم نبهوك مسبقا لاحتمال ظهورها "في العقد الذي لم تقرأه جيدا".
6) وهذا يـذكرنا بحقيقة أن عقود الشركات تصاغ دائما بطريقة احترافية من خلال فريق قانوني لا يترك ثغـرة أو احتمال إدانة تستطيع استخدامه ضدها.
7) وهذا يعني أنك لا تستطيع مقاضاتها "ليس فقط بسبب تكاليف القضاء المرتفعة" بــل لأنك تـلعب "في غير أرضك" ضد جيش من المحامين.
8) أما المسوقون "الذين أقـنعوك بالشراء منذ البداية" فليسوا موظفين لدى الشركة لأسباب تتعلق بإخلاء المسؤولية والتنصل من الوعود التي يقدمونها.
9) وبسبب المشكلات السياسية غير المتوقعة أو ظهور تشريعات وقوانين جديدة، قـد تدخل في صراع مباشر مع السلطات الرسمية "كما حدث في تركيا".
10) وغالبا ما تملك الشركات العقارية المطورة نفوذا كبيرا داخل الدولة.. وبالتالي ستكتشف متأخرا أن لا أحد يريد إغضاب مطور عقاري كبير، من أجل مالك شقة صغير.
ولهذه الأسباب مجتمعة لا أنصحك بشراء أي عقار في الخـارج.. ما لم تكن أنت بنفسك "المطور العقاري الكبير" الذي يتنقـل بطائرة خاصة وجـيش من المحامين.

لا تبتعد عن عقاراتك

 الميزة الأساسية في العقارات هي حفظ الثروة وتحويلها إلى أصول مدرة للمال تتحكم بها، وتورثها لأبنائك، وتضمن وجودها قربك. وهذه المطالب لا تتحقق في أكثر العقارات التي تشتريها (في الخارج) بسبب صعوبة متابعـتها واحتمال انقطاع صلتك بـها.

أفضل عقار تشتريه "هناك" ستتحمل بسببه مصاريف السفـر والغربة والبعـد الجغرافي ــ ناهيك عن المشكلات السياسية والاقتصادية غير المتوقعة، خذ كمثال نظام أردوغان في تركيا الذي صادر بين 2016 و2018 المشاريع الخاصة بــ178 من رجال الأعمال "وكل ما له صلة بالمعارض فتح الله جولن"، وأمـر كهذا تسبب في ـخسارة عشرات المواطنين السعوديين والخليجيين لاستثمارات في تركيا، ووضعهم في مواجهة مباشرة مع السلطات الرسمية هـناك.
أنا شخصيا تعلمت الدرس بطريقة قاسية حين اشتريت في 2016 شقة بالتقسيط في إحدى الإمارات الخليجية. لم أتعرض فقط للخداع والمماطلة "من قبل الشركة المنفذة" بــل وصعب علي السفر لمتابعة المتطلبات الرسمية والدعوى القضائية التي رفعتها لاحـقا. وبدل أن أحصل على أصل مـدر للمال، خسرت أموالا بسبب رسوم التقاضي ومصاريف السفر وحجوزات الفنادق ــ بعكس العمارة التي بنيتها قرب منزلي وأمر أمامها أربع مرات في اليوم. ولعلمي بأنني لست الوحيد في هذا المأزق وضعت استفتاء في "تويتر" (في الثاني من هذا الشهر) سألت فيه من استثمروا في الخارج عن تجاربهم الخاصة، فكانت النتيجة سلبية جـدا، 39 في المائة منهم أفادوا بأنهم خسروا أو تم خداعهم و37 في المائة جـزموا بعدم تكرار التجربة "في حين قــدم 23 في المائة فقط رأيا إيجابـيا".
عـلى أي حـال، في حال كنت مصرا، أرجو أن تتقـيد على الأقل بالتالي:
- اسأل سفارة دولتك إن كانت هناك قضايا احتيال أو مماطلة تعرض لها مواطنون قبلك.
- ابحث في الإنترنت عن المشروع، وسمعة الشركة، وماذا يقول عنها الناس.
- لا تتسرع في توقيع العقـد، ولا توقـع عـقدا كتب بلغة لا تفهمها، ولا تتردد في تغيير بعض البنود المجحفة.
- لا توقع العـقد إلا بوجـود محام متخصص، "فقيمة أتعابه وهو جالس بقربك، أقـل منها وهو واقف في المحكمة".
- وحين تـقـرر، اعقد صفقة مباشرة بحيث تتسلم صك الملكية فور دفع الثمن "وليس بحسب نظام التقسيط، ثم الاستلام لاحقا".
... أعـرف أن معظم من يقرأون هذا المقال ليسوا أثرياء، ولكنني أعرف أيضا أن معظمكم سـيفكر في شــراء (عـقـار مـا) في مرحلة معينة من حياته.
في هذه الحالة اخـتر الأقرب إلى نافــذة غرفتك.

سبعة اسباب لتدريس الجنس في المدارس

 القضية محرجة بلا شك حتى لأكثر الآباء انفتاحاً.. ولكن هذا لا يعني تجاهلها أو الصمت حيالها كونها حقيقة وواقعاً وطريقة استمرارنا في الدنيا.. فالأسوأ من الصمت حيالها هو ترك هذه المهمة لأشخاص غرباء - لا تضمن سلامة نيتهم - يتحدثون مع أطفالك نيابة عنك (وفهمك كفاية)!

وأنا شخصياً أملك أسباباً كثيرة للمطالبة بوجود منهج مدرسي (أو على الأقل حصص استثنائية) للثقافة الجنسية يتولاها معلمون أفاضل يتحملون هذا العبء عن الوالدين..

  • ومن أهم الأسباب التي تدعوني لتقديم هذا الاقتراح الأسباب التالية:

1- ان مخاطر الجنس (من أمراض وحمل واستغلال) تأتي بسبب الجهل وعدم الفهم وليس بسبب المعرفة والاطلاع والتحذير المسبق.. هناك إحصائية عالمية تشير إلى أن الدول الاسكندنافية التي تُدرس هذا الموضوع في مدارسها تقل لديها نسبة الإجهاض والأمراض وحمل المراهقات واستغلال الأطفال مقارنة ببقية الدول..

2- ان الجنس غريزة قوية وطاغية لن تخفى على ابنك وابنتك لأنك (فقط) قررت تجاهل الحديث عنها.. ولأنها غريزة قوية وملحة لن يتوقف أبناؤك عن التساؤل حولها والاطلاع عليها بأي وسيلة كانت.. ولأنهم يعيشون هذه الأيام تحت قصف إعلامي مفتوح (سواء من النت أو المحطات الفضائية أو البرامج الإلكترونية) يفترض أن تكون السبّاق في الحديث عنها.. قبل أن يسبقك شخص غريب..

3- وأرى شخصياً أن الحديث بهذا الشأن يجب أن يتم في سن مبكرة مع الطفل لسببين رئيسيين: الأول أنه أسهل للوالدين وأقل إحراجاً للإبن.. والثاني لأن الأطفال (وليس المراهقين أو الشباب) هم غالباً من يتم استغلالهم جنسياً بسبب جهلهم وبراءتهم - وأسأل من حولك عن أقدم ذكرياتهم بهذا الخصوص..

4- وفي حين يعتقد بعض الآباء أن تزويد الأبناء بمعلومات كثيرة عن الجنس يشجعهم على السعي إليه اتضح لمنظمة الصحة العالمية (من خلال متابعة 35 برنامجاً لتدريس هذه المادة في دول العالم) أنها على العكس تماماً جعلتهم أكثر حرصاً وحذراً من تداعياته السيئة - بل وأكثر استعداداً لإخبار والديهم بمشاكلهم الخاصة!!

5- وتدريس الجنس بطريقة تربوية أمينة لا ينعكس فقط على مستقبل الأبناء والأسرة، بل وينعكس بطريقة حميدة على المجتمع ككل.. فمن خلال دراسة منظمة الصحة السابقة (ومن خلال تجارب الدول الاسكندنافية) اتضح فعلاً أن أفضل وسيلة لمكافحة الدعارة، والاستغلال، الأمراض الجنسية، ووجود اللقطاء في المجتمع؛ هي التوعية بالأسباب التي ساهمت في ظهورها أصلاً!

6- وحتى لو افترضنا أن ابنك كبر وأصبح - لا قدر الله - عاصياً ومتجاوزاً فإنه على الأقل يصبح بمأمن من الأمراض الجنسية، والعلاقات غير السوية، والذرية غير الشرعية، وبالتالي لا ينقصه غير التوبة والاستغفار.. وفي المقابل كم تائب تحمل (حتى بعد توبته وهدايته) تداعيات الماضي بسبب الجهل وقلة المعرفة وصمت الوالدين في طفولته!

7- وأخيراً؛ لاحظ أنني أتحدث (منذ البداية) عن إسناد هذه المهمة إلى معلمين مؤتمنين، ومعلمات فاضلات.. إلى تعليم طلابنا من خلال منهج يُجمع عليه خبراء الشرع والنفس - وبطريقة تزيح هذا العبء عن الوالدين وتسمح للطلاب بالحديث عنه بحرية ضمن حلقات نقاش جادة!

.. أيها السادة من لا يعرف الباطل يوشك أن يقع فيه، ومن يتجاهل المشكلة يتحمل تداعياتها لاحقاً.. وطالما اعترفنا بأن الجنس حقيقة واقعة، وغريزة غالبة، وسنة الله في خلقه؛ لا أتردد في تذكيركم بأن أطفالنا (إن لم يتعلموا عنه في المدارس) سيتعلمون عنه من خلال النت وأصدقاء السوء واستغلال غير الأسوياء لهم.

== اقرأ أيضا المقال السابق

مشكلتنا مع هذه الكلمة

 أذكر أيام دراستي في المرحلة الثانوية أن مديرية الأمن العام أقامت معرضاً للمخدرات دار على معظم المدن السعودية.. كان يتضمن شرحا لأنواع المخدرات وأضرارها وطرق صنعها والأساليب المبتكرة لتهريبها.. وأذكر جيدا أن المعلمين حينها انقسموا ما بين معارض لزيارة الطلاب للمعرض (بحجة أنه يفتح أذهانهم على أنواع المخدرات)، وبين مؤيد لزيارته والاطلاع على محتوياته (بحجة أنك لن تعرف الحق قبل أن تعرف الباطل)!

وهذه بالضبط أيها السادة مشكلتنا في الحديث عن الجنس مع أطفالنا.. هل نخفي عنهم كل شيء، أم نستبق كل شيء ونحدثهم بكل شيء؟

مجرد المطالبة بتدريسهم الثقافة الجنسية يسبب انقساما بين محافظ يخشى تفتح الطلاب، ومؤيد يرى أن تثقيفهم حماية لهم من الخطأ والزلل وحدوث مالا تحمد عقباه..

وبدون شك لم تكن هذه المشكلة لتظهر لو اتفقنا أولا على التفريق بين الجدية والإسفاف عند الحديث معهم في هذا الموضوع.. لم تكن لتظهر لو لم نكن شعبا متحفظا يرفض حتى الحديث سرا مع أبنائه بخصوص "الجنس"..

الغريب فعلا أن تحفظنا الحالي لا يتفق مع تاريخنا العربي، ولا أصلنا البدوي، ولا حتى مع ديننا الاسلامي (وسأخبرك لماذا)..

فالعرب كانوا من أكثر الشعوب سماحة فيما يتعلق بالحديث عن الجنس بدليل وجود أكثر من 72 كلمة تصف الفعل ذاته (ووجود أسماء دقيقة للأعضاء التناسلية تفوق أسماء القبائل والخيول والسيوف مجتمعين).. وبعد دخولهم الإسلام صحيح أن الوضع انضبط من الناحية الشرعية ولكن حالة الانفتاح نفسها استمرت بنفس المستوى بدليل تعدد الزوجات (حيث تزوج المغيرة بن شعبة وطلق أكثر من سبعين امرأة)، وانتشار الجواري وما ملكت الأيمان (حيث امتلك بعض الصحابة أكثر من 300 جارية) وشيوع السبي من النساء بعد كل فتح (لدرجة فاضت بهن أسواق المدينة)..

وحتى وقت قريب كان جدي وجدك بل وأبناء القرى هذه الأيام أكثر انفتاحا وفهما لهذا الموضوع بحكم تواجدهم الدائم مع الماشية والمخلوقات الأليفة ومشاهدة لحظات الغزل بينها (وهو مالا يتوفر لأبناء المدن هذه الأيام الذين أصبحوا لأول مرة في التاريخ يملكون أفكارا خاطئة عن كيفية تشكل الأطفال وخروجهم للدنيا)!

أما القرآن الكريم والسنة النبوية فلم يتحرجا من الحديث عن الفعل ذاته ولكن في إطار من الأدب والتعميم والبعد عن التفاصيل مثل قوله تعالى (فلما تغشاها حملت حملا خفيفا)، و(نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم)، وقول الرسول الكريم (في بضع أحدكم صدقة)، أو (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج)!

.. كل هذا يثبت أننا نعيش هذه الأيام حالة استثنائية من التحفظ، وعباءة مصطنعة من التملق، وعقبات تعيق التقاء الجنسين بالحلال.. والأسوأ وجود اتفاق جماعي على الصمت والإنكار رغم أنه أصل الانسان ومن أقوى الغرائز لديه..

.. على أي حال؛

كلّ ما سبق كان مجرد مقدمة طالت حتى تحولت لمقال مستقل (لدرجة غيرت العنوان الأصلي واستبدلته بالعنوان أعلاه)..

فالعنوان الأصلي لهذا المقال كان "سبعة أسباب لتدريس الجنس في المدارس" وضرورة تكليف معلمين أفاضل بهذه المهمة.. تدريسه في إطار من الأدب والتعميم حماية لأطفالنا من الزلل، والمجتمع من الخلل، واستباقنا لحتمية تعلمه من أصدقاء السوء ومواقع النت..

ووافوني في المقال القادم لأخبركم عن سبعة أسباب تؤيد اقتراحي هذا!‏

الأربعاء، 10 فبراير 2021

مشكلة العصعص

 عجب الذنب أو "العصعص" الموجود في نهاية عمودك الفقري أثار حيرة المفكرين والعلماء قرونا عديدة. وبسبب الغموض حول أصله وفصله تبنت الثقافات المختلفة (آراء مختلفة) حول فائدته والحكمة من وجوده.. فبالإضافة الى أنه غير مفيد في حياتنا اليومية - بل يسبب المشاكل لبعض الناس - يذكرنا وجوده في ذلك المكان بالذيل أو الذنب الذي تملكه كثير من المخلوقات. وحين نشر تشارلز داروين كتابه "أصل الأنواع" عام 1859ثم "أصل الانسان" عام 1871أشار إليه ك(بقايا ذيل أو ذنب) كان يملكه أسلافنا البشر في الماضي السحيق - وهو ما جعل البعض يتبناه كدليل على الأصل المشترك بين الانسان والقرد (...!)

ولكن الحقيقة هي أن هناك آفاقاً دينية وطبية - ومكتشفات علمية في طب الأعصاب والأجنة - تخرجنا من دائرة هذا التفسير الضيق.. فعجب الذنب مثلا جاء ذكره (بهذا اللفظ) في أحاديث نبوية كثيرة فسرت أصله وفصله والحكمة من وجوده؛ فقد أكدت مثلا أنه الأصل الذي ينشأ منه الإنسان والبذرة التي يُبعث منها يوم القيامة.. فهناك مثلا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب" وقال أيضا "إن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبداً فيه يركب يوم القيامة قالوا أي عظم يا رسول الله قال عجب الذنب" كما قال كذلك "ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما تنبت البقل وليس في الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد هو عجب الذنب"..

وإذا نظرنا للموضوع من منظار "علم الأجنة" نكتشف أن أول ما يظهر من البويضة (بعد تلقيحها في الرحم وتحولها لمضغة) خيط أو شريط عظمي رفيع (يدعى الشريط الأولي أو primitive streak ) تنمو منه أنسجة وأعصاب وأعضاء الإنسان. وهو يظهر في اليوم الخامس عشر من الحمل ثم يتقلص ويتراجع في الأسابيع التالية ولا يبقى منه إلا أثر ضامر يعرف بالعصعص أو عجب الذنب (Coccyx أو Human Tailbone)!!.

وفي حال عدم تكون هذا الشريط يفشل الجنين في النمو والاستمرار - حتى لو حدث التلقيح - ولا ينتقل أبدا لمرحلة تكون الأعضاء وظهور الجهاز العصبي. وبسبب الدور الحيوي لهذا الشريط (الذي يتحول لعصعص) اتفقت اللجنة البريطانية المختصة بأخلاقيات التلقيح الصناعي على اعتماده كعلامة فاصلة تحدد الوقت الذي يُسمح فيه للأطباء بإجراء التجارب على الأجنة المبكرة أو الاستفادة من فائض التلقيح الصناعي في الأنابيب!!.

...وهناك حالة طبية فريدة تدعى "الجنين المسخ" تثبت أن عجب الذنب هو الأصل الحقيقي للإنسان. فبعد أن يؤدي (الشريط الأولي) دوره في تكوين الجنين يتراجع في الأسبوع الرابع ويستقر في آخر فقرة من العمود الفقري. ورغم تراجعه (كعصعص) إلا أنه يظل محتفظا بخصائصه الخلقية وقدرته على إنماء الأعضاء في حال نشط مجددا.. وهذا بالضبط ما يحدث في حالة "الجنين المسخ" حيث يعود العصعص لنشاطه بطريقة مفاجئة فيشكل أعضاء (إضافية جديدة) كاليد والقدم والأصابع أو ينمو كورم مسخي مشوه حين يفتحه الجراح يجد داخله أعضاء متفرقة كالأسنان والأمعاء والعظام والغدد!!.

...وكل هذه الشواهد تثبت أن عجب الذنب هو الأصل الذي ينشأ منه الإنسان ويتخلق منه الجنين مصداقاً لما جاء في الحديث الأول (منه خلق وفيه يركب).. وحين يؤدي مهمته - كبذرة يخُلق منها الإنسان في الرحم يضمر ويتراجع مكونا "العصعص" الذي لا يتحلل تحت التراب فيعاد منه تركيب الإنسان يوم القيامة...

الاثنين، 8 فبراير 2021

المرأة في الاسلام ليست المرأة في الأعراف والتقاليد

 أنا شخصياً أقيّم رقي وتحضر أي مجتمع من طريقة معاملته للمرأة والمكانة التي يضعها فيه.. وحين ظهر الإسلام لأول مرة شكل ثورة حقيقية ونقلة نوعية في مجال المساواة والحرية وحفظ الحقوق وصيانة الأموال والرفع من قيمة الإنسان.. فمقارنة بما كان عليه الوضع في الجاهلية نالت المرأة بمجرد نطقها بالشهادتين حقوقها في الميراث واستقلالية القرار والمساواة مع الرجال (بل وحتى تفضيلها عليهم في بعض الجوانب).. وهذه القفزة النوعية شكلت وحدها عامل جذب واستقطابا ترتب عليه دخول نساء الجاهلية في دين الله أفواجا...


السؤال الذي يخص جيلنا الحالي هو:

هل تقبل المرأة (غير المسلمة) هذه الأيام الدخول في دين الإسلام (رغم تمتعه بذات المبادئ النبيلة)؟

بكلام آخر: هل ترى فينا المرأة الغربية (التي نالت اليوم حقوقها كاملة) نفس العوامل الجذابة التي استقطبت المرأة الجاهلية للإسلام؟

... بكل صراحة (لا)...

فحين تنظر المرأة الغربية (اليوم) لوضع المرأة في العالم الاسلامي لن ترى ما يجذبها أو يضيف إليها بل على العكس قد ترى ما ينفرها ويثير حفيظتها..

فقرن بعد قرن عملت الأعراف والتقاليد المحلية على تحوير وتشويه تشريعات الاسلام (الراقية في جوهرها) بطريقة تضمن بقاء المرأة في أدنى مستوى ممكن.. والنتيجة التي نحصدها اليوم ليس فقط تنفير المرأة غير المسلمة بل وظهور قوانين غربية وضعية تفوق في رقيها وإيجابياتها التي تتعامل بها المجتمعات الإسلامية مع المرأة.. وأفضل دليل على هذا الانقلاب في الموازين أن المجتمعات الإسلامية هي من يحتل اليوم ذيل القائمة في كل ما يخص المرأة وحقوقها والفرص المتاحة لها!

الخميس، 4 فبراير 2021

مستقبل الدول في شركاتها العظيمة

جميعنا يعرف الفرق بين القطاع الخاص والعام.. جميعنا يعرف الفرق بين ربحية المؤسسة التي يملكها صاحبها، وبين بيروقراطية واتكالية المؤسسة التي تملكها الدولة ..

فالمؤسسة التي يملكها صاحبها أكثر كفاءة وانتاجية (وحرصا على الزبون) من المؤسسات العامة التي تعاني من الروتين والاتكالية وعدم الاهتمام بالمراجعين ..قبل وقت طويل من انهيار النظام الشيوعي اعترف الزعيم السوفياتي نيكتا خرتشوف بتدني مستوى الانتاج في الدول الاشتراكية فقال كلمته الشهيرة: "البقرة التي يرعاها صاحبها تدر حليبا أكثر من البقرة التي ترعاها الدولة"!!

وهذه الحقيقة يمكن ملاحظتها من خلال المقارنة بين المستشفيات الخاصة والعامة.. بين ربحية شركة الاتصالات (الآن) وحـين كانت (وزارة) تصرف عليها الدولة.. بين المؤسسات البنكية التي تستعمل أحدث تقنيات الخدمة (وتطارد عملاءها بشتى العروض) وبين البنوك الحكومية التي تعاني من التكاسل والروتين والبيروقراطية ــ ناهيك عن تأخر مواقعها الإلكترونية وخدماتها التقــنية ...

أنا شخصيا على قناعة بأن نجاح أي مؤسسة حكومية يعتمد على تحويلها إلى قطاع خاص يعمل على أساس الربح والتمويل الذاتي. فـإجراء كهذا من شأنه خدمة كافة الأطراف كونه يرتقي بأداء المؤسسة، ويخلص الدولة من أعباء الاشراف والتمويـل، ويقدم للمواطن خدمة راقية ومعاملة جيدة.. 

وهذا الترتيب ليس مكلفا على المواطن البسيط كما نعتقد لأن التنافس بين الشركات سيخفض من تكاليف الخدمات ويمنح العميل خيارات أكبر (كما يحدث الآن بين شركات الاتصالات والطيران) في حين سيتكفل التأمين التعاوني بدفع مصاريف العجز والظروف الصعبة.

... أتـساءل ماذا لو حولنا معظم الوزارات إلى شركات تعمل بحسب قانون العرض والطلب!؟  

... سبق واقترحت إنشـاء شركات استراتيجية كبيرة (على غـرار أرامكو وسابك والاتصالات) تعمل على أساس ربحي ضمن القطاع الخاص.. لماذا لا يكون لدينا مثلا:

ـــ الشركة السعودية للصناعات الإلكترونية ساليكSa.el.i.c)Saudi Electronic Industries )

ـــ والشركة السعودية للصناعات الدوائية سافيك (Sa.ph.i.c)Saudi Pharmaceutical Industries 

ـــ والشركة السعودية للصناعات الغذائية سافوديك (Sa.food.i.c)Saudi Food Industries 

ـــ والشركة السعودية للصناعات الميكانيكية ساميك (Sa.me.i.c)Saudi Mechanical Industries 

... شركات كهذه هي من سينهض باقتصاد الـبلد كما نهضت شركات سامسونج وهـونداي وL.G بـاقتصاد كوريا الجنوبية وجعلتها اليـوم ضمن القـوى الصناعية في العالم.. 

شركات كهذه سـتضيف للاقتصاد الوطني، وتـوفر لأبناء الوطن آلاف الفرص الوظيفية الجديدة (كما فعلت أرامكو وسابك قبلها).. ستدفع ضرائب للدولة، وتصبح الدولة مستثمرا فيها بــدل أن تصرف عليها وتحملها أعـباء إدارية جديدة...  

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...