الخميس، 12 ديسمبر 2019

لماذا تعجز عن نزول الجبل؟


حين تراجع أحلامك جيداً ستلاحظ أن بعضها يتكرر معك منذ الطفولة..

فأنت مثلاً مازلت تحلم بالطيران والسقوط والمطاردة والمشي عارياً ودخول حمامات قذرة وسقوط أسنانك كاملة ورؤية أحداث مشينة تخصك أو تخص أحد أفراد عائلتك...

وما يجعلني أجزم بوقوعها أنها أحلام مشتركة بين الناس تنبع من طبيعتنا الإنسانية التي تتضمن الخوف والقلق والزهو والخوف من الفضيحة والانكشاف وملاحقة الأشرار لنا...

فأحلام الطيران في الغالب تأتي بعد أزمات ومواقف اجتزناها بنجاح وتملكنا شعور بالارتياح.. وهي تترافق غالباً مع شعورنا بالزهو وفي نفس الوقت الخوف على سلامتنا الجسدية. نحلم خلالها بارتفاعنا فوق الجميع وتحليقنا فوق كل المشاكل ومع ذلك نحتفظ بخوفنا من الوقوع فجأة إلى حيث يعاني بقية الناس!!

أما الحلم بالسقوط (أو عجزك عن النزول من سفح جبل حاد) فيظهر غالباً بعد موقف شعرنا حياله بالعجز وضعف الحيلة؛ فخوفنا من السقوط ترجمة لخوفنا من النتائج الوخيمة لهذا العجز. وغالباً ما نستيقظ من هذا الحلم وقلوبنا تدق بعنف فنحمد الله أن الوضع لم يصل لهذا الحد.. أما بقاؤنا معلقين في مكان عال (وعجزنا عن الصعود أو الهبوط) فإشارة إلى حيرتنا وعدم قدرتنا على التصرف!!

أما في أحلام الفشل فنجد أنفسنا محرجين من واقعنا وفاشلين مقارنة بغيرنا.. وهي أحلام تنبع غالباً من الشك في الذات وتوجيه اللوم إليها بسبب إخفاقنا أو تقصيرنا في هذا الأمر أو ذاك وهي في عمومها أحلام حزينة تظهر بعد فشل حقيقي أو خلال فترة تكون معنوياتنا بأدنى مستوياتها.

وفي أحلام المطاردة تأتي الأخطار دائماً من الآخرين الذين يشكلون خطراً مبهماً وغير واضح. ومعظم هذه الأحلام تشير إلى خوفنا من انكشاف خطأ قديم أو أذيتنا من أشخاص لا نثق بهم في الواقع. وتنتهي أحلام المطاردة غالباً بوصولنا إلى بر الأمان (وغلق الباب في آخر لحظة) مما يشير إلى أمانينا أو لنقل ثقتنا بتجاوز الأزمة على أي حال!!

ومن الأحلام المشتركة أيضاً دخولنا حمامات مشتركة (قذرة في الغالب) أو دخولنا بالخطأ إلى حمامات الجنس الآخر أو جلوسنا في مراحيض مكشوفة نسبياً. كما تتضمن خوفنا من رؤية الآخرين لنا في وضع فاضح أو رؤيتنا بلا ملابس في مكان عام.. وهذا النوع من الأحلام قد يدل فعلياً أو مجازياً على خوفنا من انكشاف حياتنا الخاصة أو اطلاع الناس على أسرار لا نريد لهم معرفتها!

... بقي أن أشير إلى نقطة أخيره؛ وهي أن حديثنا اليوم اقتصر على الأحلام التي تعبّر عن مخاوف عميقة وتجارب لا واعية في عقل الإنسان .. وهذا النوع من الأحلام يختلف مثلاً عن الأحلام التي تعبر عن الرغبات المادية والحسية للجسم كالرغبة بالطعام أو الجنس أو الشعور بالعطش والبرد..

والرؤيا عموماً كما جاء في صحيح مسلم ثلاثة:

رؤيا صالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...