الاثنين، 9 ديسمبر 2019

دليل رجل الكهف


طبخ الطعام يعد "موضة طارئة" مقارنة بعمر الإنسان على كوكب الأرض.. فقبل أن يكتشف الإنسان دور النار في إنضاج وتطييب الطعام كان مثل بقية المخلوقات يأكل اللحوم والخضروات بحالتها الطازجة وعناصرها الخام..

قبل أن يتعلم الزراعة (قبل عشرة آلاف عام) كان يعتمد على تناول الفواكه والنباتات البرية ولحوم الصيد فقط وبالتالي لم يكن يعرف المعجنات ولا الحلويات ولا السكريات المكررة ولا شيئاً يدعى كربوهيدرات قبل زراعة المحاصيل ذاتها!

واليوم تتراكم الشواهد على خطورة المبالغة في طبخ الطعام وتعريضه لدرجات حرارة عالية لفترة طويلة؛ فجميع الأغذية (من فواكه وخضروات ولحوم) خلقها الله متوازنة من حيث تركيبتها الكيميائية وصلاحيتها للهضم والاستهلاك الآدمي. وحين تتعرض لدرجات حرارة مرتفعة تختل تلك التركيبة وتفقد بعض فعاليتها (وتتحول لغذاء ميت بالفعل) ..

ويمكن بسهولة ملاحظة نتائج هذا العمل بمراجعة المشاكل الصحية التي تصيب الإنسان دون غيره من الحيوانات.. فرغم أن معظمها يشترك مع الإنسان في تناول نفس الأطعمة إلا أنها نادراً ما تصاب بأمراض شائعة كالسكري والسمنة والسرطان وفشل الكلى..

وكان الدكتور رنسيك ويتنجر (من جامعة كاليفورنيا) أول من أجرى تجربة موثقة للكشف عن أي فوارق محتملة بين تناول الطعام المطبوخ والطازج. فبين عامي 1932 و1942 قام بمراقبة ثلاث مجموعات رئيسية من القطط لعشر سنوات متتالية.. المجموعة الأولى أطعهما أغذية مطبوخة وحليباً مبستراً بشكل دائم، والثانية أطعمها أغذية طازجة مع حليب غير مبستر، أما الثالثة فخلط لها بين النوعين.. وخلال أربعة أجيال اتضح أن المجموعة المرفهة (التي تناولت أغذية مطبوخة على الدوام) عانت من الأمراض المزمنة وماتت في سن مبكرة. أما المجموعة الثانية فلم تعان من أي أمراض مزمنة وعاشت لسن متقدمة ومارست حياتها بنشاط كبير.. أما المجموعة الثالثة (التي تناولت خليطاً بين الاثنين) فتفاوتت في عمرها ونسبة إصابتها بالأمراض ولكنها لم تكن أحسن حالاً من المجموعة التي عاشت على الأطعمة الطازجة!!

.. وبناء على هذه التجربة يحق لنا التساؤل أيضاً (ليس فقط عن دور النار في الإضرار بالأطعمة الطازجة) بل وعن تداعيات طرق الطبخ الحديثة والسريعة على جسم الإنسان...

لن أحاول الكتابة في هذا الجانب خصوصاً أنني أدرك مسبقاً عجزنا عن هجر الأطعمة السريعة والمعلبة ولكنني شخصياً أحاول قدر الإمكان محاكاة الوجبات التي كان يتناولها رجل الكهف القديم..

افعل مثلي واسأل نفسك بكل بساطة عن طبيعة الأغذية التي كان يتناولها الإنسان البدائي قبل اكتشاف النار وفكرة الطبخ والزراعة ذاتها ناهيك عن الميكرويف، والمعلبات، والمواد الحافظة!

.. هذا ما أدعوه "دليل رجل الكهف"...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...