الاثنين، 9 ديسمبر 2019

من أين يأتون بهذه الأكاذيب؟ (2-2)


حين تخلو أي فتوى من (قال الله وقال الرسول) تنزل إلى مستوى الرأي الشخصي والظن الفردي حتى وإن حاول صاحبها مساندتها بآيات وأحاديث لا ترتبط بأصل الموضوع.. لا مانع من ذكر القصص والأمثلة على سبيل الموعظة والعظة (بشرط صدقها ومنطقيتها) ولكن لا يجوز ربطها بالدين أو الإيحاء بأنها من مصادره الشرعية.

كنت في آخر مقال قد تحدثت عن اعتماد كثير من القنوات الدينية على فتاوى شاذة وقصص خارقة ومسائل مثيرة للجدل لمجرد الشهرة والرواج بين المتابعين.. محطات فضائية تروج لنفسها من خلال التعاقد مع أشباه مشائخ وأنصاف علماء هم أول من يسيء للدين بهذه الطريقة.

لا أعلم فعلاً من أين يأتون بهذه الأكاذيب ولكن دعني أضرب لك أمثلة مختصرة على ماسمعته شخصياً في هذه القنوات المتطرفة:

فبالإضافة للفاسق الذي استاك (أو استعمل المسواك) من دبره حتى حمل فأراً:

المسلم في الجنة يملك 25 مليون حورية يستغرق قضاء حاجته مع كل واحدة 75 عاماً.

مهنة الحلاقة حرام لما فيها من تلامس بالصبيان واحتكاك بالمردان وحلق اللحى.

أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يقرأ القرآن حتى يحترق كبده ويشم معه رائحة شواء.

المشايخ الأولياء يمكنهم ارتكاب الزنا كون الله غفر لهم ماتقدم من ذنبهم وما تأخر.

يمكن للمرأة أن تسير عارية (من السرة للركبة فقط) بشرط أن تهب نفسها لرجل بحيث تصبح عبدة (فيقع عنها حجاب الحرة).

وشيخ آخر يتحدث عن الجواري وأنواع السبي وماملكت أيمانكم ويقول بالنص (أنت بس أعمل أي حاجة والإسلام حيزبطهالك)!.

سفينة نوح أبت أن تتحرك إلا بعد أن دعا نوح ببركة محمد وآل بيته الطاهرين.. ثم رست على جبل الجودي "عندنا هين في النجف الأعظم".

طالب علم سأل شيخه كيف تتحدث كل لغات العالم؟ فقال: آتني بتلك الحصاة فأتاه بها فمسحها بلسانه وأعادها إليه فمسح بها الطالب لسانه فأصبح مثل معلمه يتحدث بكل لغات العالم.

شيخ (وطبيب للأسف) يكذب ويقول: أثبت الطب الحديث أن الرجل حين يضاجع زوجته أثناء حملها فإنه بذلك يسقي جنينه من مائه الأمر الذي يزيد من ذكاء وفطنة الجنين المسلم!!

كل هذا وقد تجاوزت الفتاوى المكررة مثل إرضاع السائق، ولبس البنطلون، وتعلم الإنجليزية، ومنع المرأة من دخول الإنترنت، وعشرات الفتاوى المتعلقة بالتشبة بالكفار (التي لو طبقناها كلها لأصبحنا نعيش في الكهوف)!!

المؤسف فعلا أن هذه الخزعبلات تأتي من رجال يلبسون ثياب الورع والزهد والفقة الشرعي بحيث يسهل على عامة الناس تصديقهم (خصوصاً من لا يملكون خلفيات عملية أو طبية تخبرهم مثلاً أن الجنين في رحم أمه يستمد غذاءه من حبل السرة لا من فمه).

وكلما رأيت حلقة من هذا النوع على التلفزيون أو "تخاريف الشيوخ" على اليوتيوب أزداد قناعة بأن أعظم إساءة للإسلام تأتي من أهله وليس من الغريب.. تأتي من أنصاف مشايخ وأشباه علماء همهم الأول لفت الانتباه إليهم والترويج لقنواتهم من خلال إطلاق فتاوى شاذة وقصص صادمة للعقل والمنطق والفطرة السليمة.

رحمك الله يا أبا متعب؛ لو لم تترك في دنياك غير قرارك بقصر الفتوى على كبار العلماء لكفاك فضلاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...