أنا شخصيا لا أعتقد ذلك
فأكثر عشر وظائف مطلوبة هذا العام لم تكن موجودة في عام 2000 (وعلى نفس السياق يعتقد الخبراء أن أكثر الوظائف طلبا في عام 2020 لم تظهر حتى الآن) !!
وفي عام 2009 وحده نشرعلى الانترنت أكثر مما نشرته البشرية بالطرق التقليدية في آخر5000 عام.
أما المعلومات التقنية فتتضاعف كل عامين وهو ما يعني أن المعلومات التي يدرسها الطالب الجامعي في سنته الأولى تصبح (قديمة) حين يصل الى سنته الثالثة!
وفي حين يصعب على المثقف قراءة 50 كتاب في العام، ينشر العالم مليون كتاب وتطلق موسوعة ويكيبيديا 6 ملايين مقاله جديدة..
وبعد خمس سنوات من الآن ستختفي تقنيات (حديثة) مثل أقراص الليزر وكمبيوترات المكاتب وأجهزة الرسيفر ناهيك عن الفاكس والبيجر والتلفون الثابت...
وفي مقابل هذا كله يدرس أطفالنا مناهج بعيده عن الواقع لا تراعي إيقاع العصر السريع ولا تترك لهم حتى حرية البحث والإبداع بأنفسهم!
... فنحن بدون شك نعيش في عصر تتضاعف فيه التقنيات والمعارف لدرجة أننا نعد أطفالنا (الآن) لمستقبل لايلائمهم بعد عشرة أعوام.. فثورة المعرفة وسرعة العولمة تغيران وجه العالم بشكل أسرع مما تتحمله أو تستوعبه مناهجنا الحالية.. وكل عام دراسي يمضي عليها لا تصبح فقط قديمة ومنتهية الصلاحية، بل ويوضع كثير منها في خانة غير الضروري أصلاً ..
وبطبيعة الحال لن أتورط في الحديث عن المناهج التي يتوجب حذفها أو تعديلها، ولكنني بالتأكيد أملك أفكارا واضحة عن المناهج التي يجب إضافتها (وسأخصص المقال القادم لتقديم أمثلة حولها)...
وحتى ذلك الحين يجب أن نعترف بأن مناهجنا الدراسية تبدو متأخرة عن إيقاع العصر لأربعة أسباب رئيسية: ولآن وتيرة الإبداع المعرفي والتراكم المعلوماتي ستبقى رغم كل هذا أسرع من المناهج التعليمية والكتب المدرسية؛ فيجب تشجيع الطلاب أنفسهم على الإبداع والاستنباط والنظر للمناهج كبداية ومقدمة (وباب صغير للبحث في موضوع كبير)!!
... وقبل أن تفكر في نقد المقال انظرْ لجدول الحصص في حقيبة ابنك أو حاول إجابته حين يسألك ماذا نستفيد من هذه المادة أو تلك لتدرك مدى ملاءمة مناهجنا للواقع والمأمول!!
الأول: تمحورها حول الأساسيات العلمية وما أصبح في حكم المؤكد والبدهي فقط.
والثاني: أنها جامدة ومتحفظة وعاجزة عن مجاراة التراكم العلمي والمعرفي المتواصل.
والثالث: تركيزها على الجانب النظري وبُعدها عن الواقع المعاش...
والرابع: عدم تمتعها بمرونة وجاذبية الوسائط التفاعلية التي تجذب "الطلاب" للانترنت والوسائل الإلكترونية الحديثة...
وبناء عليه يفترض بمناهجنا أن تكون أكثر جرأة في تدريس آخر الفرضيات العلمية والتوجهات الفكرية التي يسير العالم نحوها (ولابأس في أن توضع ضمن منهج مستقل يناقش آخر هذه المستجدات)...
كما يجب أن تتبنى مبدأ التغيير المتواصل (بوتيرة سنوية أو فصلية) وتتأقلم مع المستجدات اليومية (من خلال مواقع إلكترونية رديفة) وتحث الطلاب على التوسع خارج المناهج ذاتها (عبر الانترنت والمصادر المفتوحة)...
كما يفترض بها تخفيض نسبة المناهج النظرية وإضافة مناهج تطبيقية ترتبط مباشرة بحياتنا اليومية (مثل منهج خاص بالإسعافات الأولية، وآداب التعامل العام، وآليات صنع الثروة وبناء المشاريع الخاصة...)
أضف لهذا ضرورة اعتمادها بشكل أكبر على الوسائط التفاعلية (التي تجذب الأطفال بثرائها الصوتي والبصري) وتحويلها إلى المحتوى الإلكتروني (بحيث يصبح لكل منهج موقع على الإنترنت) ناهيك عن دمجها ضمن التقنيات الإلكترونية (فالمناهج في سنغافورة وتايوان أصبحت تُحمل على كمبيوتر الطالب)!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق