الأحد، 28 يوليو 2019

ومن لا تأخذه سنة ولا نوم؟


أعرف شخصا إذا نام الساعة "العاشرة" لا يستيقظ إلا الساعة "الحادية عشرة".. من اليوم التالي!

ورغم تضارب الآراء حول النتائج الصحية للنوم الطويل؛ إلا أن هناك شبة اجماع على أن كثرة النوم مضرة مثل قصره تماما.

فمن المعروف ان الانسان البالغ لا يحتاج للنوم لأكثر من ثماني ساعات في اليوم (ويمكن ان يتأقلم بسهولة مع ست ساعات فقط).. وكانت جامعة كاليفورنيا قد نشرت قبل فترة نتائج دراسة تربط فيها بين متوسط العمر وعدد الساعات التي يقضيها الإنسان نائما؛ فقد عمد البروفيسور دانيال كريبيك الى المقارنة بين معدل العمر وساعات النوم فاكتشف ان كثرة النوم قد تسبب الوفاة المبكرة.. فقد درس طوال ست سنوات عادات النوم لدى مليون مواطن فاكتشف ان الفئة التي تنام لمدة ثماني ساعات مرشحة للموت بنسبة 12% اكثر من الفئة التي تنام لسبع ساعات.

ليس هذا فحسب؛ بل وجد ان الفئة التي تنام لست ساعات عاشت لعمر اطول وتمتعت بصحة افضل ممن تنام لسبع او ثماني ساعات.. أما اختصار مدة النوم الى خمس أو أربع ساعات فقط فاتضح انها "تقصر العمر" بنسبة مساوية لمن ينام لأكثر من ثماني ساعات!!

وهذه الدراسة تؤكد ما اعتقدته دائما بأن النوم هدر للوقت و"مضيعة للعمر"؛ فثماني ساعات في اليوم تعني نومنا لعشرين عاما (حين نصل لسن الستين)، واثنتي عشرة ساعة تعني نومنا لثلاثين عاما، أما ست عشرة ساعة في اليوم فتعني خسارة اربعين عاما أو ثلثي أعمارنا في تلك السن!!

وهناك قصة طريفة - سبق وبعثتها للمشتركين بجوال حول العالم - عن الملك ليوفي الثاني حاكم مقاطعة سافوي في فرنسا.. فقد كان يؤمن بأن كثرة النوم تطيل العمر (رغم أن عمر الخيام قال في نفس الفترة: فما أطال النوم عمرا ولا قصر بالأعمار طول السهر).. ولأنه كان يطمح بتجاوز سن المئة قرر النوم لمدة 20 ساعة في اليوم. وكان يأخذ من العقاقير والاعشاب ما يضمن له هذا الغرض. وهكذا لم يكن يستيقظ الا مرتين في اليوم يتناول فيها الطعام ويذهب للحمام ويدير شؤون المقاطعة ثم يعود للنوم.. إلا ان هذا النظام الغريب سرعان ما أساء لصحته فمات أثناء نومه ولم يتجاوز بعد سن الخمسين!!

على أي حال؛ مقابل هذه الحالات - التي تذكرنا بحالات البيات الطويل لدى بعض الثدييات - نسمع عن حالات معاكسة يدعي أصحابها عدم نومهم على الإطلاق.. وكلما سمعت شخصيا عن ادعاء كهذا أفترض مقدما وجود تلفيق أو مبالغة في نقل الخبر كون النوم مطلبا أساسيا للانسان (كالطعام والشراب) يستحيل العيش بدونه.. فبالإضافة إلى إرهاق أعضاء الجسم الداخلية يؤدي السهر الى اضطراب قوى الانسان الذهنية ويفقده الصلة بالواقع. وهذا يعني ببساطة أن من لا ينام نهائيا سيصاب بالجنون وسوء الخاتمة قبل أن يتاح لأي صحيفة تصويره أو الكتابة عنه (فسبحان من لا تأخذه سنة ولا نوم).

غير أن ادعاءات عدم النوم (على الإطلاق) تختلف عن ادعاءات النعاس وأخذ غفوات قصيرة توفر للبعض إمكانية متابعة مهامهم دون نوم لعدة أيام - كما يحصل في حالات الحج أو الجهاد (إذ يغشيكم النعاس أمنة)!

وبين هؤلاء وهؤلاء أنصحك (أنت) بمراقبة ساعات نومك كون ما يفيض عن الحد المعقول يعد مضيعة للعمر، وما يقل عنه يتسبب بمشاكل صحية أنت في غنى عنها.. وستكون محظوظا بالفعل لو اتضح اكتفاؤك بأقل من ثماني ساعات في اليوم.. كون اختصار ساعة فقط يضيف لعمرك ثلاث سنوات حين تصل لسن الشيخوخة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...