الأحد، 28 يوليو 2019

رجل الليزر


حتى وقت قريب كان الليزر يعرف بالاختراع الذي يبحث عن تطبيق..

وحتى وقت قريب كانت المراجع العلمية تدعي ان العالمين "شارلس تونز" و"آرثر شاولو" هما المخترعان الرسميان لليزر.. ولكن الوضع تغير الآن واصبح الاسم الحقيقي لمخترع الليزر شخص يدعى "جورن جولد"!!؟

هذه القضية الشيقة والمدهشة تعتبر نموذجا على صبر واصرار العلماء على نيل حقوقهم كاملة. فبعد اكثر من خمسة وعشرين عاما في المحاكم استطاع جولد نيل الاعتراف بحقة كأول مخترع لليزر وبالتالي الحصول على عوائد مالية ضخمة بعد استعمال تقنيته في جميع الصناعات.. وما يستحق الاحترام اكثر ان كفاح جولد لم يكن موجها فقط ضد العالمين تونز وشاولوبل ضد شركات صناعية كبيرة وعملاقة رفضت الاعتراف به كمخترع لليزر - تلافيا لدفع أي مقابل لاستخدامه..

وقد ولد جولد في نيويورك عام 1920، وحصل على الماجستير في الفيزياء من جامعة ييل عام 1943 وعمل في مشروع تطوير القنبلة الذرية اثناء الحرب العالمية؛ وفي عام 1978 حصل على لقب "مخترع العام" بعد الاعتراف به كمخترع لليزر..

وتعود الحكاية لعام 1957 حين تصور جولد مبدأ عمل الليزر واختار له اسمه الحالي من خلال تعريف دونه في دفتر ملاحظاته يتحدث فيه عن "تضخيم الضوء بواسطة الانبعاث التحريضي للاشعاع".. ولكن؛ لأنه لم يدرك اهمية ما توصل اليه؛ ولأنه كان يعتقد خطأ ضرورة بناء نموذج قبل التقدم لبراءة الاختراع تأخر في المطالبة رسميا بحقوقه. وحين كان يعمل في جامعة كولومبيا اتصل به الدكتور (شاونز) يستفسر منه عن بعض الافكار الفيزيائية في الضوء فأدرك من خلال اسئلته انه كان يفكر بذات المشروع فتقدم من فوره للحصول على براءة الاختراع عام 1959. الا ان عمله ذلك لم يثبط شاونز وتونز عن التقدم لبراءة الليزر فحصلا عليها عام 1960 (واطلقا عليه اسم الميزر) في حين لم يتح ذلك لجولد الا عام 1977.. المعضلة ان كلا الطرفين اتيحت لهما الحصول على براءة الاختراع الا ان ما عمل لصالح جولد اسبقيته وتسجيله الدقيق للعناصر التي كان يطالب بحق الاعتراف بها..!

وفي ذلك الوقت لم يكن الاهتمام بالليزر كبيرا؛ وكان يطلق عليه "الاختراع الذي يبحث عن تطبيق". ولكن بعد تطبيقه في صناعات كثيرة (من تشريط القرنية الى ثقب المعادن وتخزين المعلومات والارسال الفضائي) بدأت ثلاثة اطراف تطالب بحق تملكه.. جولد.. وشاونز.. وجميع الشركات المستفيدة التي تدعي انه حق مشاع..

وقد انفق جولد على الاجراءات القضائية اكثر من مليوني دولار؛ وحين شعر - مع ذلك - انه لا يملك من الامكانيات ما يتيح له مقارعة الشركات الكبرى اتفق مع مؤسسة باتلكس على إدارة القضايا مقابل 64% من العوائد المتوقعة.. وقد تم اول اعتراف بحقه كمخترع عام 1977 ونال اول العوائد عام 1986؛ وتغلب في مواقع قضائية حاسمة على شركة الاتصالات العملاقة AT&T وشركة جنرال موتورز. وحاليا اصبح جولد مالكا ل90% من تراخيص استخدام الليزر ولنا ان نتصور الثروات الطائلة التي نالها اذا علمنا ان العوائد السنوية لهذه التقنية تفوق البليوني دولار سنويا..

اطرف ما في الموضوع ان شركة جنرال موتورز حين استأنفت الحكم ضد جولد كان من ضمن ادعاءاتها ان المحكمة السابقة لم تأخذ بعين الاعتبار حقيقة ان ارخميدس الاغريقي كان اول من فكر بتركيز الضوء حين سلط اشعة الشمس على سفن الاعداء بواسطة عدسات مقعرة فأحرقها..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...