الثلاثاء، 30 يوليو 2019

أغلى ما اشتريت في حياتك


يحكى أن رجلا كريما اشترى فرسا أصيلا بمبلغ زهيد.. ومن أمانته عاد للبائع في اليوم التالي ومنحه مبلغا اضافيا حين اكتشف أن الفرس أفضل مما تصور.. تقبل البائع المبلغ بامتنان واعتقد في سره أنه مجرد ثري ساذج لا يعرف قيمة المال. غير أن الرجل الكريم عاد في اليوم الثالث ودفع مبلغا اضافيا حين اكتشف مزايا جديدة في الفرس.. ثم عاد في اليوم الرابع والخامس والسادس حتى خجل البائع (وأقسم) ألا يأخذ مبلغا آخر.. فما كان من الرجل إلا أن قال: والله لأبعثن قومي غدا لشراء كل خيولك!!

هذه القصة تخالف ما يحدث معنا هذه الأيام حيث نعود لبيوتنا فنكتشف أن ما اشتريناه لا يستحق المبلغ الذي دفعناه، وبدل أن نبعث قومنا للشراء من البائع نحذرهم منه فيخسر بسبب غبائه وقلة أمانته!

ورغم أن جميعنا يملك قائمة طويلة بسلع وخدمات تورط بشرائها؛ إلا أنني سأحدثكم اليوم عن الجانب النادر والنوع الفريد الذي - بعد دفع قيمته واستعماله - تشعرون أنه يستحق أكثر من قيمته!

وحين أراجع آخر سلعة اشتريتها من هذا النوع يظهر في المقدمة جهاز (الآيفون).

صحيح أنه بالنسبة لكثير من الناس مجرد جهاز مُسل يتضمن العديد من الألعاب والبرامج، ولكنه بالنسبة لي بمثابة مكتب متكامل أحمله في جيبي ولا أكاد أستغني عنه.. خصوصا أثناء سفري في الخارج.. فلأنني لا أتقيد بدوام رسمي أو موقع ثابت أصبح بالنسبة لي ضرورة لا أستغني عنها لانجاز أعمالي وكتابة مقالاتي وبعثها للصحيفة.. أصبحت أراه كعلبة سحرية صغيرة حين أفتحها أجد فيها تلفونا، وكمبيوترا، وخريطة، وفيديو، وتلفزيونا، وراديو، وطابعة، وكاميرا، ودفتر ملاحظات، وصندوق بريد، وشبكة انترنت متنقلة، ناهيك عن نصف مليون برنامج آخر يمكن تحميلها فيه.

وكل هذه المزايا تجعلني أرغب بالتوقف كلما مررت بجانب المحل الذي اشتريته منه ومنح البائع مبلغا اضافيا - لولا خوفي من اعتقاده بأنني مجرد ثري ساذج لا يشعر بقيمة المال!

أيضا أيها السادة هناك شيء ثمين جدا ادفع فيه كل شهر 500 دولار (وسأستمر بدفعها حتى لو انخفض دخلي الشهري الى 500 دولار).

فكما أنه لا إسراف في شراء الطيب - كما ورد عن بعض السلف - يعتقد شخصي المتواضع أنه لا إسراف في شراء الكتب حتى لو كان الرجل فقيرا يكتفي بأكل الشعير.. فمنذ طفولتي كنت أجمع مصروفي البسيط لشراء الكتب وأشعر بعدها أنني الرابح الأكبر (ولمزيد من المعلومات حول هذه الحالة الغريبة ابحث في الانترنت عن مقال بعنوان: مريض بالببلومانيا).. وحين كبرت وأصبحت مقتدرا أضفت لعادتي القديمة تخصيص 500 دولار لشراء الكتب عبر البريد من امريكا وبريطانيا!!

والكتب بالذات تستحق دائما أكثر مما دفع فيها (حتى السيئ والمُسيء منها).. فمن واقع تجربة اكتشفت أنها مثل مناجم الذهب كلما تعمقت فيها كلما فهمت أكثر وتعلمت أكثر وكسبت أضعاف ما دفعت.. حتى السيئ والمُسيء منها لا يخلو من معلومة جديدة أو رأي مفيد - وفي أسوأ الأحوال - تكون أقل مكاسبنا التعرف على أخطائها وتحذير الآخرين منها!!

على أي حال.. قد لا يكون الآيفون بالنسبة للبعض أكثر من جهاز للعب والتسلية.. وقد لا تكون الكتب أكثر من أوراق كثيرة يرصها البعض بين ورقتين أكثر سُمكا.. ومع هذا؛ أرغب بسماع تجاربكم (على موقع الصحيفة الإلكتروني) حول شيء اشتريتموه سابقا ثم اكتشفتم لاحقا أنه يستحق أكثر مما دفع فيه.. شيء مفيد جدا جدا لدرجة فكرتم بالعودة للبائع - ليس لإعادته أو إصلاحه على الضمان - بل لتكرار قصة الكريم مع بائع الخيول!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...