الخميس، 25 يوليو 2019

نصيحة في كتابة المقالات (تابع)


في آخر مقال سردت مجموعة من النصائح والمبادئ العامة في كتابة المقالات.. واليوم سنتحدث عن نصائح مختلفة تتعلق بالجانب العملي كالتقنيات والوسائل (والخدع) المفيدة في ممارسة الكتابة ذاتها:

إذ يجب عليك مثلا (ومنذ البداية) اختيار الفكرة المميزة والموضوع الشيق كونها أول وأهم خطوة تضمن نجاح المقال بل وتغطي على أي ضعف في الاسلوب وطريقة العرض.

أما بخصوص أجزاء المقال ذاته فتخيله كفيلم سينمائي رائع يبدأ بمقدمة مفاجئة، ويستمر بإيقاع متصاعد، وينتهي بخاتمة تعلق في الذاكرة.

وتذكر أن المهمة الأساسية للعنوان هي جذب القارئ.. ومهمة المقدمة هي الاحتفاظ به لمعرفة النهاية (ومن الخطأ أن يتعارض الاثنان أو يوحيان بشيء لن تناقشه في صلب المقال).

وتذكر جيدا، حين تبدأ بالمقدمة لديك 30 ثانية فقط لإقناع القارئ بالاستمرار معك حتى النهاية (وكلما قصرت المقدمة وفاجأت القراء كلما حققت هدفها بشكل أفضل).

إن كان موضوعك بسيطا أو قصيرا بطبعه فلا تلجأ للحشو (واللف والدوران) ومن الافضل إلغاؤه أو تأجيله أو دمجه على أن تبدو ضعيفا وفقيرا أمام القارئ.

أما إن كان ثريا وعميقا فلا تتوسع في الشرح وضرب الأمثلة وتذكر دائما أنك تملك مساحة محدودة وقارئا ملولا (خصوصا إن أردت المحافظة على الوحدة الموضوعية لمقالك).

والخاتمة مهمة جدا (مثل أهميتها في الفيلم السينمائي) لذا يجب أن تقضي وقتا طويلا في اختيارها وتعديلها وإعادة صياغتها حتى تصل لأفضل نتيجة ممكنة!

ومن المفيد (بعد الانتهاء من المقال) العودة لقراءته بهدف اختيار أفضل فقرة أو "مقطع" يمكن رفعها كمقدمة أو إنزالها كخاتمة/ كما يمكنك بنفس الطريقة اختيار أفضل عنوان من خلال جملة وردت في المقال.

أعط آراء شخصية واضحة وتحاشَ كلمات تظهرك بمظهر المتردد أو غير المتمكن (مثل: لست متأكدا، من المحتمل، قد يعود السبب إلى، ربما أكون مخطئا).

وقلل (قدر الامكان) من كلمات المبالغة والتهويل مثل خارق وعظيم ورهيب.. فهي تظهرك بمظهر المتسرع والمتحيز (والاستثناء الوحيد استعمالها في العناوين).

ومن عوامل القوة في أي مقال ربطه زمنيا بحدث طارئ أو قضية تشغل الرأي العام.. لذا يجب أن تملك ميزة التفاعل السريع مع الحدث/ وربما تأجيل بعض المقالات كي تظهر في الوقت المناسب.

وكن على ثقة بأن (فكرتك) يمكن دائما إيصالها بكلمات أقل وجمل أقصر؛ وبالتالي أعد صياغة جملك واستغنِ عن فقراتك المكررة كي يبدو مقالك أكثر بلاغة وقوة واختصارا.

وكن على ثقة أيضا بأن هناك دائما (كلمة أخرى) مشابهة أو رديفة تعطي دقة أكبر ومعنى أفضل.. وحين تجدها اكتفِ بها ولا تستعملها برفقة مترادفات أخرى.

وقلل قدر الامكان من الأقواس والجمل المعترضة وعلامات الترقيم والتشكيل (فرغم أهميتها إلا أن الاكثار منها يمنع انسياب الكلام كالماء الزلال).

وفي المقابل، الاستعمال الصحيح ووضعها في مكانها المناسب يمنح كلامك موسيقى جميلة وتناغما مريحا ويخبر القارئ متى يتوقف ومتى يتابع.

والاختصار الفعال يعني إزالة التفاصيل الثانوية والكلمات المكررة، والتفكير ببدائل وصيغ أكثر تركيزا وإيضاحا للمعنى.

وأثناء الكتابة ستخطر ببالك أفكار ذات علاقة؛ لا تتجاهلها أو تعتقد بأنك ستتذكرها.. توقف فورا واكتبها في ورقة خارجية أو في هامش خاص تحت المقال إلى حين ضمها للسياق العام.

وأثناء الكتابة أيضا افتح الانترنت وكن مستعدا للبحث في "جوجل" كلما شعرت بنقص أو جهل أو حاجة لشرح جزئية معينة.

كما أن الاستعانة ببرامج الكتابة الإلكترونية (وأشهرها وورد ميكرسوفت) يتيح لك خيارات كبيرة للتعديل والتصحيح والنقل والنسخ والاضافة والحذف.

وهناك نوعان من المراجعة؛ الأول (بطيء) بغرض استكشاف أي أخطاء في النص، والثاني (سريع) لتملس أي عوائق أو عقبات قد تحد من انسيابية القارئ فوق السطور.

وأخيرا إن سألتني عن أعظم نصيحتين من بين هذه الأربعين فسأختار:

الأولى: ضرورة امتلاك فكرة جيدة وموضوع مميز قبل التفكير بكتابة أي مقال أصلا.

والثانية: ضرورة مراجعته عدة مرات بعد الانتهاء من كتابته فعلا (ثم قبل إرساله للنشر) لأن المراجعة لا ترتفع بمستوى المقال فقط، بل وبمستواك أيضا كونها تمنحك فرصة التعلم من أخطائك وتطوير مهاراتك القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...