الثلاثاء، 23 يوليو 2019

سارقو العقول


أعلن أحد المتاجر الكبرى عن حاجته لبائع متمرس.. ورغم العدد الكبير من المتقدمين إلا أن رئيس الموظفين شعر بـ (رغبة قوية) في توظيف شاب بعينه. وبالفعل وظفه في قسم التجميل فارتفعت المبيعات بسرعة كبيرة. ثم نقله إلى قسم الجلديات فحقق مبيعات كاسحة. ثم عاد ونقله إلى قسم الملابس فحقق نجاحا خارقا.. وفي النهاية سأله: أين تعلمت المهارة في اقناع الناس. قال الشاب: في السيرك يا سيدي. استغرب رئيس الموظفين وقال: وماذا كنت تعمل في السيرك. قال: كنت انوم الناس مغناطيسيا!!

وعلى أرض الواقع هناك نماذج كثيرة لهذا الشاب. فهناك أشخاص يملكون كاريزما طاغية ويستطيعون بالسليقة السيطرة على عقول الناس والتحكم بتصرفاتهم.. أشخاص يملكون موهبة تنويم الآخرين فعلا أو مجازا وإقناعهم بما يريدون!!

وأذكر أنني قرأت في أكثر من مناسبة عن سرقات محلية تتضمن ممارسات عجيبة من هذا النوع.. فهناك مثلا قضية المرأة التي ذكرت صحيفة الاقتصادية أنها رفعت دعوى ضد أحد المكاتب العقارية. فعلى ذمة الجريدة ادعت المرأة أن رجلا مشعوذا طرق عليها الباب واقنعها ببيع فلتها لصالح المكتب. ورغم انها لا تعرفه استسلمت لطلبه ووقعت على أوراق البيع بمبلغ زهيد!!

وأنا شخصيا اعرف صاحب بقالة انصاع لطلب امرأة غريبة سيطرت عليه وطلبت منه تسليمها خمسة الاف ريال.. وحين تقدم لاحقا بشكوى الى الشرطة علم انه ليس اول ضحية!!

وقد حفظ التاريخ نماذج كثيرة لافراد امتلكوا مثل هذه الموهبة الغريبة.. فهناك مثلا القس راسبونتين (او الشيطان راسبونتين كما يطلق عليه الروس) الذي امتلك قدرة عجيبة على علاج الامراض المستعصية والسيطرة على عقول الناس. وقد اصبح مقربا من عائلة القيصر نيوقولا الثاني بعد ان شفى ولي العهد من مرض عضال. وبصفته طبيبا للعائلة سيطر بالتدريج على عقل القيصر وزوجته وكل من يعمل في البلاط. وحين غاب نيوقولا الثاني في اخر ايامه اصبح راسبونتين يدير روسيا من خلال زوجته ويتحكم بعزل وتنصيب الوزراء.. وبعد ان عاث في الدولة فسادا تم قتله عام 1916 بواسطة مجموعة من الوطنيين الاحرار!!

أما الشخص الثاني فسبق أن كتبت عنه ويدعى وولف ميتسنخ.. وقد ظهر خلال الحرب العالمية الثانية واكتشف منذ طفولته قدرته على غسل ادمغة الناس والايحاء اليهم بما يريد. فحين كان طفلا تعلق بقطار مسافر الى برلين واختبأ تحت احد المقاعد. ولكن جامع التذاكر رآه فقدم اليه ميتسنخ قصاصة من جريدة على انها تذكرة. وامام استغرابه ختمها الرجل وقال بهدوء: مادمت تملك تذكرة فلماذا تختبئ!!

وكانت لعبة ميتسنخ المفضلة الطلب من الآخرين التفكير بشيء حتى يقوم بتنفيذه.. وخلال الحرب تنبأ بهزيمة هتلر وقال ان الدبابات الروسية ستدك برلين. وحين سمع هتلر بهذه النبوءة غضب وطلب احضار ميتسنخ حيا او ميتا. وخوفا على حياته هرب الى روسيا وهناك استدعاه ستالين بعد ان سمع بقدرته على التحكم بعقول الناس.. وذات مرة طلب منه الذهاب الى احد البنوك واحضار مائة الف روبل. وخلال ساعة عاد ميتسنخ ومعه المبلغ فسأله ستالين عما فعل، فقال: قدمت الى موظف البنك ورقة بيضاء على انها شيك منك فصرفها فورا.. وذات يوم فوجئ به ستالين وقد دخل عليه في مكتبه الخاص. وحين سأله كيف مر من بين الحرس ابتسم وقال: اوحيت اليهم انني بيريا (القائد العام لحرس ستالين)!!

ومن المعروف انه كان صديقا لعالم النفس الشهير فرويد. وحدث ان اجتمعا ذات يوم في مكتب عالم الفيزياء انشتاين ففكر فرويد (لو ان ميتسنخ يقص شيئا من شارب انشتاين الكث). وفعلا قام ميتسنخ واقتلع من شارب انشتاين ثلاث شعرات وهو مسلوب الارادة.. حينها ضحك فرويد كثيرا وقال: لو قدر لي الحياة مرة اخرى لخصصتها لدراسة ميتسنخ!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...