الثلاثاء، 30 يوليو 2019

أفكار حققت الملايين


كان عنوان هذا المقال في البداية (أفكار غبية حققت الملايين على الانترنت).. غير أنني تذكرت الكتاب الأبيض لصديقنا تركي الدخيل فقررت إزالة كلمة "الانترنت" من باب التعميم.. و"غبية" خشية أن يحقق الملايين فعلا.

فالأذكياء منذ بدء الخليقة لم يعدموا ابتكار أفكار تُفرغ جيوب الحمقى والحالمين حتى قيل "رزق البله على المجانين".. وحين أعود بذاكرتي الى الوراء لا أنسى كيف كنا أطفالا نبيع كل شيء على زوار المسجد النبوي - من بلاط الحرم وتراب البقيع، الى قطع الثلج وحجارة جبل أحد.

وحتى قبل ظهور الانترنت استغل البعض انتشار الصحف لنشر إعلانات محبوكة تحقق ثروة معقولة.. والقصة النموذجية تتحدث عن محتال يعلن عن بيع "آلة خياطة" أو "طريقة جديدة للثراء" بدولار واحد فقط.. وحين تصله آلاف الدولارات ينفذ وعده فعلا ويبعث للقراء "إبرة خياطة" أو قصاصة كتب عليها "افعل مثلي"!

وأشخاص كهؤلاء يفوقون بذكائهم صديقنا الظريف (بدر الخريف) الذي نشر خبرا عن طالب سعودي في اليابان صمم مشروعا لبناء مسجد فوق سطح القمر.. ورغم أن المشروع كان تخيليا إلا أن عددا كبيرا من القراء اتصلوا به عارضين التبرع لشراء مكيفات للمسجد أو انشاء سكن للإمام والمؤذن.. وبدل أن يوافق على استقبال تبرعاتهم أرهق نفسه بشرح حقيقة المسجد وأنه مجرد بحث للتخرج!

أما الانترنت فضاعفت من فرص تحقيق الثراء - أكثر من كافة الصحف - بفضل قدرتها على الوصول لملايين الأغبياء حول العالم.. فمجرد قدرتك على استقطاع مبلغ بسيط من أي شريحة يائسة يحقق لك ثروة كبيرة.. سواء كانت فكرتك شريفة كبيع الكتب، أو خبيثة كبيع الماء في "حارة السقايين".

خذ على سبيل المثال الشاب أليكس توو الذي وضع صفحة بيضاء على الانترنت سعتها 1000,000 بيكسل وأعلن عن بيع كل "بيكسل" منها بدولار واحد فقط.. ورغم أن الفكرة بدت حينها غبية وحمقاء إلا أن الناس أحبوها واشتروا كافة مربعات البيكسل في صفحته، التي يمكنك رؤيتها على الرابط milliondollarhomepage.com

أيضا هناك بول جرافيس الذي لاحظ أن ما من عاقل يقبل بمواعدة مرضى الإيدز أو الدخول معهم في علاقة حميمة (وأتساءل ان كان أحدا غيره لاحظ هذا).. وهكذا قرر رغم كثرة مواقع التعارف على الانترت إنشاء موقع خاص بالمصابين بهذا المرض يدعى PositivesDating.Com فحقق نجاحا ساحقا خصوصا القسم الذي يتبنى مبدأ "يا بخت مين وفق مصابين بالحلال"!!

أيضا؛ معظمكم يعرف (بابا نويل) وكيف أن "الخواجات" يقنعون أطفالهم بحضوره ليلا ووضعه لهدايا الكريسمس تحت شجرة الميلاد.. ولكن ماذا لو لم يزرهم أثناء نومهم؟.. ماذا لو نسي الوالد وضع هدية ابنه في تلك الليلة؟.. في هذه الحالة ليس عليه سوى الدفع لموقع SantaMail الذي يبعث للطفل رسالة من القطب الشمالي (موطن بابا نويل) تتضمن اعتذاره الشخصي او هدية بديلة بالبريد المستعجل!

وهذا الموقع البريء يذكرني بموقع خبيث لن أتحمل وزر رابطه يرسل هدايا وإيميلات وزهورا من كافة الدول لإقناع ربات البيوت بوجود أزواجهن في رحلة عمل بعيدة (قد تكون في اليابان أو النمسا أو جنوب أفريقيا) في حين يتسكع حضرته في لاس فيغاس، أو يلعب بذيله في فندق قريب.. وفاق عدد المتعاملين معه 30 مليون زوج في أمريكا وحدها!

وكل ما سبق مجرد نماذج قليلة لأفكار كثيرة (قد تبدو غريبة وغير معقولة ل90% من الناس)، ولكنها حققت لأصحابها ثروة كبيرة بسبب تجاوب 10% من السذج معها!!

(الله يستر).. بدأت أفكر بإنشاء موقع خاص ببيع تراب البقيع وحجارة أحد!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...