الخميس، 12 ديسمبر 2019

هل تعاني مثلنا من النوموفوبيا؟


هل تذكر آخر مرة فقدت فيها هاتفك الجوال؟

هل تذكر كيف شعرت وكأنك فقدت صديقاً عزيزاً عليك؟

هل تذكر كم مرة أصبت بالضيق والإحباط لمجرد نسيانه في المنزل؟

هل لاحظت مدى غضب أطفالك حين تأخذه منهم أو تطلب منهم تركه في المنزل؟

... هذه كلها علامات فوبيا جديدة تعاني منها كل الشعوب.. فوبيا لم تكن معروفة حتى عشر سنوات مضت ودخلت مؤخراً قواميس علم النفس باسم نوموفوبيا أو Nomophobia (يمكن تفكيكه بهذا الشكل) No-mobile-phobia

والفوبيا لمن لا يعرفها حالة متقدمة أو مبالغ فيها من الخوف.. فالخوف ذاته شعور طبيعي ينبهنا إلى مكامن الخطر ويساهم في إنقاذ حياتنا في حال كنا نخاف مثلاً من الزواحف السامة أو المرتفعات العالية.. ولكن حين يتضخم باتجاه واحد (ودون خطر حقيقي) يصبح عامل قلق وهوس ويتحول لمشكلة نفسية تستدعي العلاج..

وهناك دراسات تؤكد أن لمعظم الناس فوبيا واحدة على الأقل قد تكون من العقارب والعناكب، وقد تكون من الاجتماعات وركوب الطائرات.. وهناك دراسات تفترض أن لبعض المخاوف أصلاً وراثياً (حيث لوحظ انتشار فوبيات متخصصة في عائلات معينة) في حين يعود معظمها لعوامل مكتسبة منذ الطفولة (كالخوف من الماء الذي قد يتسبب به حادث غرق في مسبح أو سقوط في بئر)...

والحقيقة هي أن أنواع الفوبيا تتنوع بتنوع البيئات والثقافات ومستجدات العصر. فالخوف من الطيران مثلاً لم يكن موجوداً حين لم يكن السفر بالطائرة معروفاً أو منتشراً كاليوم.. وفي حين اختفت حالياً فوبيا الطاعون والجدري (لانحسار هذين المرضين) بدأت ألاحظ حالات فوبيا متعلقة بالكمبيوتر والإنترنت والجوال وكاميرات المراقبة..

وحتى وقت قريب لم تكن لدينا مشكلة في الخروج من المنزل دون هاتف جوال؛ أما اليوم فيكاد يصبح أحد أعضاء الجسم وتحول إلى مصدر قلق من فقده أو نسيانه أو انتهاء بطاريته أو رصيده أو مدى تغطيته...

وأول دراسة منظمة عن فوبيا الجوال حدثت عام 2010 تحت إشراف دائرة البريد البريطانية.. ومن خلال هذه الدراسة اتضح أن53% من البريطانيين يشعرون بهلع دائم من فقْد هواتفهم أو الخروج بدونها أو فراغ بطاريتها ورصيدها (و90% من هؤلاء كانوا ممن يحملون هواتف ذكية تربطهم بالإنترنت).. قال معظمهم إن عدم حملهم هواتف ذكية يشعرهم بالعزلة والخوف من الانقطاع واحتمال الاحتياج إليها.. وقال شخص من اثنين بانهم لا يطفئون جوالاتهم أبداً ويضعونها بقربهم حين ينامون خشية تفويت اتصال مهم..

والحقيقة هي أن الهواتف الجوالة وكافة الأجهزة المرتبطة بالشبكة تحولت هذه الأيام إلى إدمان حقيقي يمنع حتى أفراد العائلة من التواصل مع بعضهم البعض.. وكي لا يتحول التواصل الإلكتروني إلى عقبة أمام التواصل الإنساني يجب على العائلة الاتفاق على توقيت ومكان استخدامها.. أما هاتفك الجوال فقد يتحول إلى عامل قلق إن لم تتعلم إغلاقه في أوقات معينة (كما أفعل شخصياً) وإلى حالة فوبيا إن لم نتعود تركه في المنزل بين الحين والآخر (كما أشترط على أطفالي حين نخرج للمطعم).. أما الشجاعة الحقيقية فهي إغلاق النت بأكملها وتشغيلها فقط يومي الجمعة والسبت (كما تفعل والدتي في بيتها)!!

أيها السادة:

... قد يكون صحيحاً أن 10% من الناس يعانون من فوبيا العناكب والطيران، ولكن آبل وسامسونج ابتكرت أنواعاً جديدة يعاني منها بقية ال90% ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...