"فرانكشتين في بغداد" رواية للكاتب العراقي أحمد السعداوي فازت بجائزة البوكر العام الماضي (2014).. وتدور القصة حول هادي العتاك بائع الخردوات الساذج الذي أصبح يجمع بقايا جثث التفجيرات الإرهابية ليلصق هذه الأجزاء فينتج منها كائناً بشرياً غريباً يعود للحياة ليثأر من المجرمين الذين قتلوا الأعضاء التي يتكون منها.. وحين يحكي هادي حكايته مع هذا المخلوق الغريب على أصدقائه في المقهى يسخرون منه ولا يصدقون كلمة مما يقول.. غير أن أحد ضباط الشرطة يسمع قصته ويهتم بها كونه مكلف بملاحقة هذا المجرم الغامض في شوارع بغداد.
ورغم جمال القصة إلا أنني لا أرى فيها أصالة أو تفرداً يمنحها جائزة بهذا المستوى.. ففكرة المخلوق المركب - ناهيك عن الشخصية واسم البطل - كتبتها شابة انجليزية مغمورة تدعى "ماري شيلي" لأول مرة عام 1818؛ فرغم ان ماري كانت متزوجة من الشاعر الانجليزي المشهور "بيرسي شيلي" إلا انه لم يكن لها أي جهد أدبي معروف قبل هذه الرواية.. ويقال انها استضافت مع زوجها عددا من الأدباء فتحدوا بعضهم من يستطيع سرد اكثر القصص إرعابا وتخويفا. وبعد ان انتهوا تذكرت ماري كابوسا رأته في طفولتها كان اكثر تخويفا من كل ما قالوا. فقد رأت جثثا ممزقة تتجمع وتلتصق ببعضها حتى تركب منها مسخ عملاق راح يفتك بالبشر. وقد استطردت في التفاصيل حتى أفزعت الضيوف فعلا - وحين انتهت نصحوها بكتابتها كرواية!!
وبطل القصة في رواية بيرسي دكتور جراح يدعى "فرانكشتين" يبحث عن سر الحياة. وقد توصل الى قناعة بأن الكهرباء هي جوهر الحياة وأنها تشكل الفرق بين الجسد الحي والميت. ولكي يثبت وجهة نظره يعمد الى سرقة الجثث وانتزاع الأعضاء المتفوقة منها ثم يعيد لحمها وتوصيلها لتركيب "الرجل الخارق". وحين احتاج إلى "دماغ" بشري يقوم بسرقته مع مساعده فورتز من احدى كليات الطب . غير انهما يسرقان بطريق الخطأ دماغ مجرم معتوه توفي للتو. وبعد ان يزرعا الدماغ في الجمجمة يبنيان فوق القصر برجا معدنيا لالتقاط إحدى الصواعق الكهربائية.. وفي اللحظة الحاسمة تضرب صاعقة هائلة قمة البرج فتنتقل ملايين الفولتات الكهربائية إلى الجثة فتحركها بعنف فتدب فيها الحياة ويستيقظ المسخ المجنون (....)!!
وبعد وفاة ماري ب195 عاما ظهرت دراسة تفيد بوجود أصل حقيقي لهذه الرواية؛ فحسب هذه الدراسة لم تقتبس ماري شخصية فرانكشتين من كابوس قديم بل من شخصية حقيقية لطبيب اسكتلندي يدعى جون ليند.. فهذا الطبيب الاسكتلندي قام لفترة بعلاج زوجها بيرسي شيلي. وكان بيرسي معجبا به ويتحدث دائما عن سعة علمه وتجاربه الغريبة. وذات يوم أفشى الدكتور ليند سرا خطيرا للشاعر بيرسي يتضمن سعيه لإعادة الحياة للأطفال المتوفين بواسطة الكهرباء وبالتالي قد يكون أوحى لها بفكرة الدكتور فرانكشتين الخيالية.
هذه الرواية العجيبة صدمت في جرأتها وتفاصيلها المرعبة الأوساط الأدبية حين ظهرت لأول مرة.. كما ظهرت في العديد من أفلام الرعب والخيال العلمي ناهيك عن اقتباس الفكرة ذاتها في روايات عالمية كثيرة كان آخرها.. فرانكشتين في بغداد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق