الخميس، 12 ديسمبر 2019

معركتنا ضد الحوثيين هل هي شرعية أو مبررة؟


سجل المعارك التاريخية يفيد بأن احتمال وقوع الحروب لأسباب غير مبررة (أو بناء على أطماع اقتصادية أو أمجاد تاريخية) يفوق احتمال وقوعها لأسباب منطقية أو وجيهة أو مبرر ب19 مرة...

بكلام آخر؛

من بين كل "عشرين" معركة اندلعت عبر التاريخ هناك واحدة فقط يمكن تبريرها شرعاً وقانونا ودفاعا عن النفس...

السؤال الذي يهمنا هو: هل معركتنا نحن ضد الحوثيين شرعية أو مبررة؟
دعونا نمهد للإجابة من خلال التساؤل أولاً ؛ هل للسعودية أطماع اقتصادية في اليمن؟

.. في الحقيقة يصعب تصور ذلك كون اليمن انهار اقتصاديا خلال الأربعين عاما الماضية من حكم علي عبدالله صالح.. تحول من دولة مصدرة للغذاء إلى دولة مستوردة يعيش معظم شعبها تحت خط الفقر.. طغت شجرة القات على شجرة البن والمحاصيل الإستراتيجية واستنزفت مدخرات الشعب اليمني لصالح قلة مقربة من الرئيس السابق… والمطلعون على الشأن الاقتصادي يدركون أنه ليس في مصلحة أي دولة (خصوصا السعودية ذات الموارد الثرية) التورط في الشأن اليمني طمعا في مصالح اقتصادية من أي نوع..
إذاً ؛ هل للسعودية أطماع سياسية في اليمن؟

لم يحدث ذلك منذ عهد الملك عبدالعزيز الذي تجنب دخول الأراضي اليمنية لأسباب كثيرة.. وبمراجعة تاريخية بسيطة نكتشف أن السعودية وقفت دائما على الحياد من كافة الأطراف اليمنية، وحاولت حتى قبل إقالة صالح التوفيق بينه وبين التيارات المعارضة.. ورغم أن الشعب اليمني نفسه قام بمظاهرات عبرت عن رغبتها في إقالة الرئيس السابق، لم تتدخل السعودية كونه في النهاية شأنا يمنيا داخليا.. وحين اختار الشعب اليمني الرئيس هادي رئيسا أيدت السعودية الشرعية اليمنية ومازالت تحتضنها في الرياض..
نعود الآن لسؤالنا الأساسي؛ هل معركتنا ضد الحوثيين شرعية ومبررة؟

الجواب نعم لأن الحوثيين هم أول من بدأ بالتسلل عبر حدودها الجنوبية.. نعم لأنهم مجرد واجهة للتمدد الصفوي في الجزيرة العربية.. نعم لأنهم حولوا محافظة صعدة (المتاخمة للحدود السعودية) الى ترسانة حربية بأسلحة إيرانية..

نعم ؛ لأنهم لم يخفوا نواياهم في التمدد لاحقا الى المناطق السعودية واستعادة ما أسموها المناطق اليمنية المحتلة..

ثم من قال إن الحوثيين يمثلون أصلا الشعب اليمني؟

فالطائفة الزيدية لا تشكل سوى 15% من مجمل الشعب اليمني.. ومن هؤلاء انشق الحوثيون الذين ينتمون الى المذهب الجارودي (ويدعون حتى اليوم خوارج الزيدية).. والمسلحون من هؤلاء الخوارج لا يشكلون سوى 5% من مجمل الطائفة الزيدية.. وكل هذا يعني أنهم أقلية ضمن أقلية لم تكن لتبرز لولا تدفق الأسلحة الخارجية..

أما من حيث الشرعية السياسية فلنتذكر جيدا أن الحوثيين لم يأتوا من خلال انتخابات سياسية أو تلبية لمطالب شعبية؛ بل على العكس تماما استولوا على مؤسسات الدولة بقوة السلاح وبدأوا بشن حرب طائفية ضد الغالبية السنية وأثبتوا زيف ادعاءاتهم (بالعدالة والرفاهية) بتعاونهم مع الرئيس المخلوع الذي طالما اتهموه بتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن..

وأخيراً

أرجو من كل من يطرح مثل هذه الأسئلة على القنوات الفضائية أن يعرف الفرق أولاً بين "المعركة"، و"الحرب"، و"الاحتلال"..

فالسعودية تخوض "معركة" مع ميليشيات مسلحة، ولكنها لا تشن "حربا" ضد الشعب اليمني الشقيق..

تعتمد أسلوب القصف الاستراتيجي ضد البؤر الحوثية، ولم تزحف أبدا بقوات برية لتحتل الأراضي اليمنية..

توجه ضربات استباقية للتحركات المسلحة ولم تقصف أبداً المدن والقرى وبيوت المدنيين (واسالوا إخواننا اليمنيين في السعودية من الذي يقصف قراهم وبيوتهم في اليمن)!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...