الخميس، 12 ديسمبر 2019

متاع الغرور


انظر حولك ستكتشف شخصيات مهزوزة تحرص على اقتناء كل ما يلفت الانتباه. هذا النوع من الناس يحرص على الظهور والتمظهر أكثر من الأغنياء أنفسهم رغم أن لا شيء يملأ جيوبهم غير بطاقات الائتمان الفارغة.. لا يكاد حديث أحدهم يخرج عن تمجيد إمكانياته وقدراته وعلاقاته مع علية القوم.. كما انه أحرص الناس على اقتناء الجديد وهجر العتيق وتعليق صوره مع المسؤولين..

وشخص كهذا لا يمكننا لومه كون البشر منذ خلقهم الله ينقسمون إلى أربعة أصناف:

الأول: فقير ومعدم..

والثاني: متوسط الحال يحاول الظهور بمظهر المكتفي (أو ربما الثري كالصنف أعلاه).

والثالث: غني ومترف ويتصرف على هذا النحو بلا تحفظ ولا جدال.

أما الرابع فمثل "الثالث" غني ومتمكن ولكنه لا يجد داعياً للتمظهر أو التباهي على "الأول" و"الثاني"..

... "الثالث" يرى أن من حقه إبداء مظاهر الغنى والثراء كون ذلك أحد المكاسب الاجتماعية المتوقعة من الثروة. وهذا التصرف هو الغريزي والمتوقع بين الأطفال وصغار السن.. فالطفل ما ان يحصل على لعبة جديدة حتى يسارع لإظهارها لأقرانه والتفضل عليهم بها ثم حبسها عنهم. وحين يكبر تكبر معه ألعابه وترتفع إلى مصاف المرسيدس والرولز رويس والطائرة الخاصة. وفي أغلب الأحيان لا تكون هناك حاجة فعلية لكل هذه المقتنيات الفخمة غير أن الرسالة التي يريد إيصالها إليك هي ببساطة: أنا أملك وأنت لا تملك أنا أستطيع وأنت لا تستطيع.. إنه ببساطة طفل كبير يتصرف بطريقة غريزية مسطحة!!

... أما "الثاني" فدخله متوسط وحاله مستور وينتهي راتبه قبل خروجه من مكينة الصراف؛ ولأنه يدرك قواعد اللعبة ويرى تأثير المال على النفوس، إما يستر على نفسه، أو يحاول الظهور بمظهر المقتدر مهما كلفه الأمر.. ولأن المسكين تتجاذبه قوتان (ضيق الحال والرغبة في التفشخر) لا يجد أمامه غير الاستدانة والسقوط في دائرة التقاسيط ومع ذلك يرفع شعار "الصيت ولا الغنى"!

أما "الرابع" فهو الأنبل أخلاقاً والأكثر نضجاً والأعلم بتقلبات الأيام؛ فهو رغم ثرائه وغناه يعلم أن الدنيا مجرد شجرة يستظل تحتها ثم يقوم لتركها. أما خبرته في الحياة فتجعله يدرك أن المال والمظهر الخارجي ليسا المقياس الحقيقي لمعادن الرجال. ولأنه رجل عصامي تعب في جمع الثروة (ولم يرثها بلا تعب) تجده معتزاً بنفسه واثقاً من قدراته ولا يفهم كيف يمكن لساعة سويسرية أو سيارة ألمانية أن ترفع من قدره أو اعتزازه بنفسه!؟

.. السؤال هو:
لماذا يحرص معظم الناس على الظهور بمظهر الوجاهة وارتفاع المنزلة!؟

.. الجواب (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...