الاثنين، 7 أكتوبر 2019

الإنترنت الخفية


يمكنك هذه الأيام العثور على كل شيء تريده - ولا تريده - على شبكة الإنترنت.. لا يكاد يوجد شيء لم يُكتب عنه أو يصوره أحد في شبكة يرفدها كل العالم بالمعلومات والصور.. أما العجيب فعلا فهو أن كل ما تقرؤه وتشاهده وتبحث عنه لا يساوي عُشر الموجود فيها فعلا (وما تبقى هو ما نطلق عليه اسم النت الخفية أو غير المرئية)..

فمحركات البحث المشهورة-بما فيهم الزعيم جوجل- تعجز عن استخراج بيانات لا تملك روابط تفيد بوجودها.. وبيانات كهذه تختفي ضمن مواقع (لا تراها) محركات البحث لأسباب كثيرة مثل عدم تصنيفها أو فهرستها أو عدم امتلاكها كلمات مفتاحية أو روابط إرشاديه أو لأنها مصممه بحيث يدخلها عدد محدود ومختار من الزوار فقط. وهذا من جانب.

ومن جانب آخر يقدر أن 90% من الناس يأخذون بالنتائج الموجودة في أول ثلاث صفحات (تظهر في محركات البحث) ولا يملكون الخبرة أو الوقت للبحث في مئات الروابط التالية - وبالتالي تفقد محركات البحث صلتها بها بمرور الزمن!!

وأول إحصائية أعرفها عن الإنترنت الخفية تعود الى عام 2004 حين قدرت احدى الدراسات عدد المواقع التي يصعب العثور عليها ب300,000 موقع، 14000 منها في روسيا وحدها (حيث خرجت الدراسة).. وبحسب صحيفة جابان تايمز تضم الإنترنت الخفية 9500 تيرابايت من المعلومات؛ في حين أشار موقع BBC الى أن 96% من الصفحات الموجودة على النت أصبحت في عام 2010 خارج نطاق بحث جوجل وياهوو !

والنسبة الأخيرة ليست مبالغ فيها كون كثير من المواقع والصفحات تصبح بمرور الزمن مستهلكة وعتيقة ولا يبحث عنها أحد، فتتراجع بعيدا أو تفقد صلتها بمحركات البحث (وكثيرا ما مررنا نحن بتجربة اختفاء صفحات وروابط رأيناها في السابق ثم عجزنا عن العثور عليها في وقت لاحق)!!

وبطبيعة الحال ليس كل ما يختفي عن الأنظار بريئا أو مسالما كون الإنترنت الخفية تتضمن "مواقع سوداء" مصممة عمدا كي لا يراها عامة الناس.. خذ كمثال موقع السوق السوداء المعروف باسم "طريق الحرير" ويسمح بشراء المخدرات والأسلحة دون المرور بمحركات البحث المعروفة (وتتجاوز حجم تداولاته 2 بليون دولار ويتعامل عن طريق البيتكون العملة الإلكترونية المعروفة).. كما توجد مواقع متخصصة فقط في تهريب المخدرات أوتجارة الأسلحة أوالرقيق الأبيض أوتأجير المرتزقة والقتلة المأجورين.. كما تعد الإنترنت الخفية ساحة كبيرة للهكرز والباحثين عن الحسابات البنكية والأرقام السرية والمعلومات السرية للأفراد التي تبقيها محركات البحث المعروفة خفية عن قصد (لحماية عامة الناس)..

وفي المقابل تعد الإنترنت الخفية ساحة مفتوحة لأجهزة المباحث والمخابرات للتنقيب عما يهمها أمره.. فالبحث في المراسلات غير المرئية لمنظمة القاعدة مثلا تسببت عام 2005 بإغلاق 22 سفارة أمريكية حول العالم.. ويقدر أن وكالة الأمن القومي في أمريكا تتابع اليوم وبطريقة آلية 50,000 موقع متطرف تشكل تهديداً محتملاً للولايات المتحدة الأمريكية!!

وما أرجوه فعلاً هو أن تتنبه وزارة الداخلية والجهات الأمنية إلى وجود هذا الجانب المظلم وغير المرئي ضمن شبكة الإنترنت.. فإن صدقت الدراسة المقدمة من موقع ال BBC (بأن 96% من الصفحات والروابط لا تظهر على محركات البحث) فهذا يعني أن كل ما يمكن متابعته وتعقبه وإخضاعه للمراقبة لا يتجاوز 4% فقط مما يراه عامة الناس!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...