الأحد، 27 أكتوبر 2019

خزعبلات بتنوع البشر


الأديان الوضعية (وتذكّر كلمة وضعية حتى نهاية المقال) تظهر من خلال التراتبية التالية:

1- أولا تتفق مجموعة بشرية صغيرة على وجود خالق أو مدبر للكون ترسم له صورة مادية أو ذهنية معينة (بشكل تمثال أو طوطم أو صورة أو موقع مقدس)..

2- ثم تبتكر طقوسا تعبدية لتقديسه واحترامه وطلب رضاه ومغفرته (بعضها مبتكر والبعض الآخر مقتبس من أديان سبقتها)..

3- وبمرور الزمن تتحول الطقوس ذاتها الى فعل مقدس، وجزء من الإيمان بالخالق، يصبح من يتجاوزها أو ينكرها لاحقا كافرا وخارجا عن المجموعة..

4- ورغم ثبات أسس الدين في وقت مبكر؛ لا يصل أبدا الى شكله النهائي أو الكامل بفضل قائمة طويلة من المفسرين ورجال الدين (يظهرون في القرون التالية) ويحتكرون لأنفسهم حق أقلمته وتعديله والإضافة إليه بحسب المستجدات..

.. وبهذه الطريقة امتلكت البشرية أكثر من ستين ديانة كبيرة (يزيد عدد أتباعها اليوم على 50 مليون انسان) وخمسة آلاف ديانة متوسطة (يزيد عدد أتباعها على عشرة ملايين) وعدد لا يحصى من الديانات المحلية والمذاهب الفرعية والفرق الصغيرة !!!

.. وفي حين لا يقتضي الإيمان بوجود "الخالق" أكثر من قناعتنا الشخصية بوجوده (وهي خاصية تشترك فيها معظم الديانات) تتفاوت طقوس عبادته بتعدد الديانات والطوائف والمذاهب وانقساماتها الدائمة..

أما الأسوأ من اختراع الطقوس ؛ فهو توارثها بلا تفكير أو تحليل واكتسابها عبر القرون ميزتان متفارقتان هما: قدسية في أعين أصحابها، وشذوذ وغرابة لا يراها إلا من نشأ بعيدا عنها..

فنحن المسلمين مثلا تتملكنا الدهشة حين نرى طقوسا وضعية مثل عبادة التماثيل وتقديس الأبقار وممارسة اليهود لشعيرة الكاباروت (حيث تُدار دجاجة حية فوق رأس الشخص عدة مرات كي تنتقل اليها ذنوبه الخاصة قبل أن تذبح وتمنح للفقراء)..

ولانفهم كيف كان يتم إحراق الزوجة في الهند برفقة جثمان زوجها المتوفى، ونسخر من ادعاء الشامان (رجل الدين في الديانات السحرية) تواصله مع الآلهة وعالم الأرواح والحديث بلسانها..

كما لا نتصور فكرة وجود طائفة مثل الديجامبار (في راجستان شمال الهند) حيث يُعد تعري القساوسة وعيشهم (بلا أي ملابس) تقرباً الى الله بحجة أنه خلقهم "هكذا"!

أما الأسوأ من هذا كله فهو التضحية بالبشر كوسيلة للتقرب للآلهة؛ حيث كان الأزتك مثلا ينتزعون قلوب الرجال، والفراعنة يرمون الفتيات في النيل، وقبائل النتسو في الفلبين تقطف رؤوس الأطفال لتضعها في سلال مقدسة!!

.. وهذه كلها مجرد نماذج قليلة لطقوس غريبة يدعي البعض تقربهم من خلالها لرب اخترعوه بأنفسهم.. وفي حين لا يقتضي الإيمان بوجود "الخالق" أكثر من تأمل عميق وتفكير محايد، تتنوع الطقوس والخزعبلات بتنوع الديانات والثقافات وتجار الدين.. والنتيجة التي نراها اليوم؛ وجود أكثر من 5000 ديانة حول العالم (4999) منها غير منطقية أو صحيحة بنظر من نشأ خارجها وتربى بعيدا عن أسرها!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...