الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019

التغيرات المفاجئة قد تُمرضك فعلاً!!


كم شخصاً تعرف ذهب للحج وعاد مريضاً أو سقط طريح الفراش بعد عودته!؟

.. كم مرة أصبت بالإمساك أو الإسهال أو القلق والأرق خلال الأيام التي تلت وصولك من سفر طويل؟

بوجه عام لوحظ أن السفر-كظرف طارئ- يفاقم من نسبة ظهور الامراض؛ فالمسافر ينتقل بجسده إلى بيئة مختلفه ومناخ وطعام غير معتاد عليه.. كما أن الانتقال المفاجئ إلى بيئة غريبة أو ظروف قاسية وغير معتادة قد تضعف جهاز المناعة لدى البعض ولايتجاوب معها البعض الآخر بشكل مناسب!!

وكان عالم الأمراض الفرنسي كلود برنار يرى أن المرض "نتيجة محاولة تكيف" مع واقع متغير. واستشهد بازدياد نسبة الأمراض بعد الحروب - حيث يتولد تغير اجتماعي واقتصادي عنيف يطال عامة الشعب؛ فخلال العام الأول لغزو النرويج (في الحرب العالمية الثانية) ارتفعت نسبة الإصابة بالامراض الى الضعف - خصوصا تضخم الغدة الدرقية. ومن اليابان تشير الدلائل إلى أن الذين نجوا من كارثة القنبلة النووية كانت أعمارهم أقصر من غيرهم وماتوا بسبب أمراض "عادية".. وحين تدهور الوضع الصحي في العراق - أيام الحصار التي سبق الاحتلال الأمريكي - كان بسبب حالة القلق والتحفز التي وضع فيها الشعب أكثر من الحصار ذاته (بدليل أن حالات الوفاة خارج المستشفيات كانت أكبر بكثير من داخلها)!!

أيضا أصبح في حكم المؤكد وجود علاقة بين ظهور المرض والشيخوخة المفاجئة بعد موقف صعب أو مفاجئ؛ ففي المواقف المهددة مثلاً لا تستجيب الأوعية الدموية (في الجلد) للإفرازات غير الاعتيادية مما قد يسبب الأمراض الجلدية.. وقد يتوقف القلب وتتقرح المعدة إذا تكررت المواقف المقلقة ويتصرف الجسم كما لو كان في وضع القتال فعلاً.. أما إذا أحس المرء أن هيبته في خطر أو أن مركزه الاجتماعي مهدد فتتصرف الغدد الصماء كما لو كان يشارك في معركة أو يتعرض لتعذيب حقيقي!

وبناءً عليه ليس غريباً أن يصاب الموظف بالشيخوخة المبكرة حال تقاعده (رغم ادعاءات أنه راحة للنفس والجسد) بسبب الانتقال إلى وضع جديد وحياة مختلفة.. وليس غريباً أن يموت الأزواج بنسبة أكبر قبل عام من موت زوجاتهم، أو تأتي جلطات الدماغ بعد حالات الإفلاس المفاجئ، أو تظهر علامات الشيخوخة فجأة بعد انتقال اللاعب من دائرة الضوء إلى عالم النسيان!!

بقي أن أشير إلى أن المرض لا يمكن إعادته إلى عامل واحد فقط؛ ولكن يمكن القول إن "جرثومة المرض" تأخذ فرصتها بشكل أفضل في الظروف السلبية والتغيرات المفاجئة.. وفي ظل علاقة كهذه يصبح من المهم مراعاة التغيرات المفاجئة ومحاولة التخفيف من حدتها عند تقرير خطة العلاج!!

من المدهش أن الفيلسوف الإغريقي أبوقراط حذر قبل خمسة وعشرين قرناً من خطر التغيرات المفاجئة على صحة الإنسان حين قال:

"إن الأمور التي اعتادها الإنسان، رغم مافيها من سيئات ونواقص إلا أنها أقل مدعاة لاضطراب الجسد من تلك التي لم يعتد عليها".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...