الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019

كيف ستحرَّر فلسطين؟


قبل أن أخبرك كيف؛ أخبرني أنت لماذا نجحت سياسة الاحتلال في أمريكا وكندا وأستراليا؟ وفشلت في الهند ونيجيريا ومصر وكافة الدول العربية؟

ببساطة؛ لأن عدد المحتلين في المجموعة الأولى كان أكبر من السكان الأصليين، في حين كان عدد السكان الأصليين في المجموعة الثانية أكبر من المحتلين، وإمكانية السيطرة عليهم!!

في المجموعة الأولى تمت إبادة السكان الأصليين أو قهرهم بشكل شبه تام (كما حصل مع الهنود الحمر في الأمريكتين) في حين كان عددهم في المجموعة الثانية أعظم من محاولات إبادتهم أو السيطرة عليهم (كما في الهند ومصر وجنوب أفريقيا).

وفي غفلة من التاريخ يمكن لمجموعة قليلة السيطرة على مجموعة كبيرة (كما سيطرت حفنة من الانجليز على شعوب القارة الهندية) ولكن يستحيل السيطرة عليهم إلى الأبد.. فبمرور الأيام تبدأ قبضة المحتل في التراخي كون القهر العسكري مكلفا اقتصاديا وأخلاقيا وسياسيا، ولايمكن استمراره للأبد.. وخلال فترة الاحتلال نفسه؛ يرتفع مستوى الوعي والتعليم لدى السكان المحليين - الذين طالما انبهروا بالمستوى التعليمي والتقني للمحتلين - حتى يصلوا الى درجة مقلقة من الوعي الوطني والتفوق النوعي..

وهذه هي المعضلة التي تواجهها إسرائيل الآن في فلسطين.. فمن جهة؛ عدد الفلسطينيين يرتفع بوتيرة أسرع من الإسرائيليين.. ومن جهة أخرى فلسطينيو اليوم أفضل تعليما وأكثر وعياً وأقدر على فهم عقلية المحتل من أي وقت مضى.. فبعد أن كان عدد الفلسطينيين 1,3 مليون نسمة عند تأسيس الدولة العبرية (عام 1948) ارتفع اليوم إلى 5,6 ملايين نسمة مقابل 6,6 ملايين للسكان اليهود.. وفي حال استمر تناسلهم بنفس الوتيرة سيتساوون عام 2020 مع المستوطنين اليهود عند 7,2 ملايين نسمة.. أما خارج فلسطين نفسها فتضاعف عددهم 8 مرات منذ عام 1948 ووصل اليوم إلى11 مليون نسمة (مقابل 7 ملايين يهودي خارج إسرائيل!!)

وإذا أضفنا للتزايد الفلسطيني ارتفاع نوعية التعليم والوعي وأسلوب المقاومة، ندرك حجم المأزق الذي ستمر فيه إسرائيل. سندرك تنامي الكلفة الاقتصادية والسياسية والأخلاقية التي تتكبدها بمرور الأيام للسيطرة على عدد مساو من السكان!! لا نحتاج لانتظار عام 2020 للتأكد من صحة هذه المعادلة.. فإسرائيل خرجت قبل تسع سنوات من قطاع غزة رغم أنها كانت من الأراضي التي منحت أصلا لليهود من قبل المستعمر البريطاني.. خرجت بفضل التناسل المفرط للفلسطينيين حتى أصبح قطاع غزة يضم أعلى كثافة سكانية في العالم.. خرجت بسبب الأم الفلسطينية صاحبة أكبر معدل عالمي في إنجاب الأطفال (لدرجة تصفها الصحف الإسرائيلية بالقنبلة البيولوجية).. فشلت في تأسيس أي مستوطنة حقيقية في ظل فاتورة اقتصادية وعسكرية لايمكن استمرارها.. بدأت الأصوات تتعالى داخل اسرائيل نفسها للخروج من "عش الدبابير" حتى قررت الخروج منه طواعية عام 2005.

هذا بالضبط ما سيحصل عاجلا أم آجلا مع بقية الأراضي الفلسطينية. هذا ما سيحصل حين يختل التوازن الديموغرافي داخل الدولة العبرية، ويصبح الفلسطينيون أكثر من اليهود المهاجرين.

سيحصل حتما لأنه حصل قبل ذلك في دول كثيرة وبقيت إسرائيل وحدها تتبنى سياسة القهر والاحتلال في العالم.. ستتحرر من الداخل لأن المواطنين العرب (داخل إسرائيل نفسها) أصبحوا أكثر فهماً ووعياً، ونجحوا في الترشح للكنيست والمناصب القيادية.. لا يسع إسرائيل مستقبلا سوى القبول بحل الدولتين أو تسليم فلسطين لأهلها (كما حصل في جنوب أفريقيا حين سلمت الأقلية البيضاء الحُكم للأكثرية السوداء).

باختصار؛ الضعف العربي والتخاذل الإسلامي لن يحررا فلسطين، بل التزايد السكاني والتفوق النوعي للسكان الأصليين.. باختصار؛ لا تخشوا على الفلسطينيين من الاحتلال أو الانقراض بل على شعوب رضيت بالاستعباد، وانقرضت قبل حلول الأجل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...