الأحد، 27 أكتوبر 2019

من يفضحك؟


العاشق تفضحه عيونه.. والمهموم يفضحه سرحان أفكاره.. والمذنب المبالغة في تصرفاته (حتى كاد المريب أن يقول خذوني).. أما الكاذب فتفضحه أشياء كثيرة يمكن قياسها بجهاز كشف الكذب كضربات القلب، وتعرق الكفين، وانخفاض الضغط، وسرعة التنفس..!!

وبالإضافة إلى العينين (وكيف يمكن قراءتهما) وزلات اللسان (وكيف تظهر ما نبطن) وحركاتنا التلقائية (التي تؤكد مخاوفنا) ونبرة الصوت (التي تشي بما يختفي خلفها) تستطيع أيضاً استشفاف شخصية جليسك من خلال إشارات يديه وحركة كفيه.

ولكن قبل الحديث عن حركات اليدين يجب الإشارة إلى أنها عادة تتفاوت بين شعوب العالم.. ففي الغرب مثلاً لا يستعمل الناس كثيراً إشارات اليدين عند الكلام؛ فى حين ان هذا التصرف يبدو واضحاً فى الشعوب الشرقية ولدى العرب خصوصاً.. كما لوحظ أن النساء يستعملن حركات اليدين أكثر من الرجال، والأطفال أكثر من النساء، والعامة أكثر من الخاصة!

فالإشارة بالسبابة صعوداً وهبوطاً يعنى التهديد حتى لو لم تقل الكلمات ذلك.. والتلويح بمجمل الأصابع يمنة ويسرة (كمن يدير الصنبور) يعنى عدم تأكد جليسك مما يقوله حتى لو حاول إقناعك بغير ذلك. أما الإنسان الذى يُبقي أحد كفيه فى حضن الآخر فهو فى موقف يرجو فيه موافقتك ورضاك. أما المتوتر ف"يطقطق" أصابعه ويفرك يديه بعصبية ملحوظة. ومن تتعرق يداه أمامك يكون فى قمة الارتباك والتوتر (وغالباً مايترافق ذلك مع خفقان شديد وتوتر فى التنفس). أما من يكثر حركة يديه فلا يستطيع السيطرة على نفسه ولا كلماته. أما تشبيك الأصابع (أو ملامسة كل أصبع بأخيه فى الكف الآخر) فدليل على الثقة بالنفس أو الغرور والتمظهر.

وحركات اليدين عموماً تفضح المرأة أكثر من الرجل؛ فالمرأة التي تحضن الأشياء حين تحملها (كمن يمسك عصفوراً صغيراً) امرأة رقيقة وحنونة بطبعها. أما المرأة التي تمسد غرتها دائماً (بدون داع) فهي مغرورة ولا ترى غير نفسها. أما التي تقوس أصابعها دائماً باتجاه نفسها (حتى لو أشارت لشيء بعيد) فهي أنانية محبة لذاتها. والمرأة التى تعقد يديها أثناء حديث عام لا تصدق ما يقال أو تتخذ موقفاً مخالفاً. والمرأة التي تضع يديها على وركيها وتتحدث بعصبية (مثل بنت البلد) فتعبر عن موقف متحدّ لا يخشى أحداً.

وبطبيعة الحال مراقبة حركة اليدين مجرد جانب واحد من جوانب الفراسة والقدرة على قراءة الآخرين.. وفي حال أردت الحصول على نظرة شاملة وأقرب للحقيقية، تحتاج إلى ملاحظة ماهو أبعد من ذلك.. تحتاج إلى تخمين الدوافع وسبب مايقال ويتم فعله أمامك.. تحتاج إلى عدم الانخداع بالمظهر والمكانة والنسب والحديث المنمق؛.. اذهب إلى أبعد من ذلك من خلال ملاحظة طريقة جلوسه.. هل هو مسترخٍ أم يحرك فخذيه بتوتر؟ هل يجلس بثقة ورأسة مرفوعة أم منحنياً يستند على مكتبه!؟.. وماذا عن صوته؟ هل يخرج بمستوى واحد أم تستشف خلف كلماته نبرة مرتبكة، هل ينظر فى عينيك مباشرة أم يتحاشاهما لأنه لا يخبرك بالحقيقة؛ هل يكثر فى كلامه من الحلف والأيمان أم يخبرك بما لديه متصنعاً عدم التكلف والمبالغة (وكأنه يقول صدق أو لا تصدق)!!

في حال طورت في نفسك هذه الموهبة ستكتشف قدرتك على كشف حقيقة جلسائك وأهداف الناس من التعامل معك. وحينها فقط يمكنك العمل كمحقق شرطة أو رجل جمارك.. أفضل الناس - بحكم المهنة - في كشف الآخرين من أول نظرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...