الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019

كم من المال نملك في بيوتنا؟


صدّق أو لا تصدق.. معظم تكاليف قناة السويس الجديدة تمت تغطيتها من الأموال التي يخفيها المصريون في بيوتهم (تحت البلاطة)!!

وبكلام الأرقام: 42% من المصريين الذين اشتروا شهادات استثمار في قناة السويس استخدموا أموالاً مدخرة في منازلهم، و38% مدخرة في البنوك، و13% موضوعة كودائع في مؤسسات مختلفة... والرقم الأول وحده يكفي للدلالة على استمرار الناس في إخفاء الأموال داخل بيوتهم.. أموال هائلة في مجملها سواء كانت عملات صغيرة أو خزائن مليئة بالذهب والمجوهرات (وأحيانا أقبية مليئة بالخمسميات كما شاهدت في الواتساب)!!

والحقيقة هي أن تخزين الأموال في المنزل عادة قديمة سبقت فكرة الإيداع في البنوك الحديثة.. وهي ظاهرة مازالت موجودة في المجتمعات الفقيرة والنامية حيث لا يتعامل معظم الناس مع البنوك ولا يملكون حسابات يدخرون من خلالها.. وبحسب تقرير للبنك الدولي تأتي جورجيا والباكستان ومصر كأقل شعوب العالم ادخاراً في المصارف (وبالتالي أفترض أنهم الأكثر ادخاراً في المنازل) في حين يعد الشعب السويدي الأكثر ادخاراً في البنوك بنسبة 83%.

وبطبيعة الحال تفضل الحكومات الخيار الثاني (الادخار في البنوك) كون ذلك يوفر احتياطاً مالياً ورافداً اقتصادياً وسبلاً لتمويل المشاريع الكبيرة.. أضف لهذا أن الادخار في البنوك يعني غالباً تدوير المال على ثلاثة أطراف رئيسية هي: البنوك كأرصدة، والمستثمرون كسيولة، والمودعون كضمان ضد السرقة والتلف..

وفي المقابل يتسبب الادخار (في المنزل) في تجميد الأموال وضعف الودائع وشح التمويل ناهيك عن كونه عرضة للسرقة والتلف.. أضف لهذا يصبح المال معطلاً وقاصراً على صاحبه فقط وقد يموت فيصبح منسياً بالتالي أرى أن إخراج المصريين لودائعهم المنزلية حالة استثنائية تؤكد ثقتهم بمشروع القناة الجديد.

أما في السعودية؛ فرغم أنني لم أسمع عن دارسة تقدر كمية المال الموجودة في بيوتنا؛ يمكنني في الأسطر التالية منحك ثلاثة خيارات تقريبية:

في البداية تذكر معي أن عدد السكان في السعودية يبلغ 28 مليون نسمة (مابين مواطنين ومقيمين).. وهذا يعني وجود 4,6 ملايين أسرة ومنزل (في حال افترضنا وجود 6 أفراد في كل عائلة)… وفي حال افترضنا أن كل عائلة تختزن في بيتها (مابين كاش ومجوهرات) 10 آلاف ريال يصبح لدينا 46 بليون ريال.. أما في حال افترضنا وجود 20 ألف ريال في كل بيت (كمتوسط) يصبح لدينا 92 بليون ريال.. وفي حال افترضنا متوسطاً قدره 30 ألف ريال يصبح لدينا 138 بليون ريال يختزنها السعوديون في بيوتهم!!

العجيب في الموضوع أن بيوتنا تظل دائماً مخزناً للنقود سواء علمنا بذلك أو لم نعلم.. فالأرقام التي ذكرتها حتى الآن تتعلق بالنقود التي نعمد لتخزينها طواعية (ونعلم بوجودها داخل بيوتنا) في حين تبقى هناك نقود منسية وأموال مفقودة لا نعلم بوجودها داخل الملابس أو تحت الأثاث أو في أماكن لا نتوقعها.. وهناك دراسة لشركة فيزا تشير إلى أن متوسط النقود المفقودة داخل البيوت (لرب الأسرة) تصل إلى 656 دولاراً في سنغافورة و361 دولاراً في أستراليا و349 في اليابان و174 في الإمارات.

أما في أمريكا فقدر البنك الفيدرالي النقود المفقودة داخل البيوت الأمريكية (من البنسات والعملات الورقية الصغيرة فقط) مابين 90 إلى 100 دولار لكل منزل.. وهذه الأموال لو جمعت من كافة البيوت لزادت عن 15 بليون دولار وهو مبلغ يمكنه شق قناة بين البحر الأحمر والخليج العربي لو وجه بأكمله لهذا الغرض!!

بقي أن أخبرك بالحادثة السعيدة التي أوحت لي بفكرة هذا المقال:

البارحة وجدت 600 ريال في بنطلون لم ألبسه منذ أربع سنوات!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...