الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019

مشبعة وغير مشبعة


مايكل موزلي طبيب مشهور ومقدم برنامج "ثق بي أنا طبيب" في هيئة الإذاعة البريطانية BBC وفي آخر حلقة ادعى عدم ضرر الدهون المشبعة على القلب والشرايين وقدرتها على تخفيض الوزن.. فحسب قوله راجع علماء من جامعتي أكسفورد وكامبردج 80 دراسة موثقة فلم يجدوا دليلا مقنعا على دور الدهون المشبعة في رفع نسبة السمنة والإصابة بأمراض القلب !!!

ويعد هذا الرأي صادما كون الأطباء حذروا دائما من "الدهون المشبعة" ووجهوا إليها أصابع الاتهام في رفع مستوى الكولسترول وانسداد الشرايين وحين يأتي من يدعي عدم ضررها يعد هذا انقلابا على كافة المفاهيم الصحية، ونقضا لآلاف الكتب والنصائح التي تعدنا بالرشاقة وخفة الوزن.. وحتى تتضح حقيقية هذا الادعاء؛ هناك مسألتان مهمتين يجب التفريق بينها:

الأولى: التفريق بين الدهون المشبعة وغير المشبعة.

والثانية: التفريق بين السعرات الحرارية، وآليات تخزين الشحوم في الجسم.

فالدهون المشبعة هي الموجودة في المنتجات الحيوانية وبعض الزيوت النباتية كزيت النخيل وجوز الهند (وهي بمثابة أحماض دهنية مشبعة بالهيدروجين).. وتعد ضارة بالجسم كونها ترفع نسبة الكولسترول وتنتهي بتصلب الشرايين وأمراض القلب - ناهيك عن دورها في أمراض الكلى والسكري والتهاب المفاصل.. وفي المقابل هناك الدهون غير المشبعة التي لا تتحول لكولسترول ضار وتساهم في "تسليك" الشرايين وتتضمن فوائد كثيرة إذا استهلكت بشكل معتدل.. ومن أمثلتها زيت الزيتون وزيت السمك وزيت الذرة وعباد الشمس والفول السوداني والأطعمة البحرية ومعظم أنواع المكسرات.

أما بخصوص المسألة الثانية (التفريق بين السعرات الحرارية وآليات تخزين الشحوم في الجسم) فرغم مساوئ الأولى ومحاسن الثانية، يملك كلاهما سعرات حرارية عالية - وبالتالي قد تسببان البدانة في حال الإفراط فيهما.. ولكن لاحظ أن دور السعرات الحرارية في البدانة دور يتعلق (بالكم) في حين أن هناك جانبا آخر مهما يتعلق (بالنوع).

بكلام آخر ؛ كما أن هناك أطعمة قابلة للتراكم كشحوم، هناك أطعمة أخرى مذيبة لها.. فمن المدهش مثلا أن بعض الدهون تعمل كمذيب للشحوم في حين تعمل الكربوهيدرات (الأقل في سعراتها الحرارية) على تخزين الشحوم في الجسم.. ومن خلال هذه المفارقة ظهر ريجيم البروتين (أو حمية الدكتور إتيكنز الذي اكتشفها) وتعتمد على الامتناع تماما عن الكربوهيدرات والسكريات، والتركيز على البروتينات والدهون المفيدة.

والدكتور اتيكنز كان طبيبا في الجيش الأمريكي اكتشف دور الكربوهيدرات والسكريات في تخزين الشحوم فصمم ريجيما يعتمد على الامتناع عنها (نهائيا أو جزئيا) والاعتماد على كل ما لا يدخل تحت هذا التصنيف كاللحوم والدهون والسلطات والبيض وبعض الخضروات.. ورغم أن فكرة اتيكنز أثبتت نجاحها (في خفض الوزن) إلا أن الأطباء ظلوا دائما يحذرون من تناول الدهون المشبعة بسبب دورها الواضح في انسداد الشرايين وأمراض القلب ورفع نسبة الكوليسترول الضار.

ورغم ادعاء الدكتور موزلي - الذي بدأنا به المقال - بعدم خطورتها؛ مازلت أنصح بتجنبها والاستعاضة عنها بقائمة الزيوت غير المشبعة أعلاه..

وتذكروا دائماً: المفاطيح عدوكم الأول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...