الأحد، 27 أكتوبر 2019

حق الولادة


قبل فترة بسيطة التقطت صورة للبيت الذي ولدت فيه؛ قبل أن يزال لصالح التوسعة الجديدة للحرم النبوي الشريف.. وحين أنزلت الصورة في الإنستغرام علقت تحتها قائلاً: وهكذا يمكنني مستقبلاً الادعاء أنني ولدت داخل الحرم النبوي الشريف، ولو صادفتم اليوم أحداً من أهل المدينة يدعي أنه ولد داخل الحرم فصدقوه كونه ولد غالباً في أحد البيوت التي أزيلت قديماً لصالح التوسعتين السابقتين في عهد الملك سعود أو الملك فهد -رحمهما الله-.

وحقي في هذا الادعاء مستمد من حقوق عالمية تمنح حق الانتماء بحكم الولادة.. خذ أمريكا مثلاً التي يولد على أرضها كل عام آلاف الأطفال الأجانب وينالون جنسيتها فور ولادتهم.. وفي المقابل هناك روسيا التي رسخت حدودها البعيدة ببناء مدن جديدة يُولد فيها أطفال يملكون تلقائياً حق الانتماء للأرض.. حتى الأرجنتين رتبت في عام 1978 لولادة أول طفل أرجنتيني في القارة المتجمدة الجنوبية لتأكيد حقها في هذه القارة ضد بريطانيا التي تحتفظ بجزر فوكلاند لهذا الغرض (وهو حسب علمي الطفل الوحيد الذي ولد حتى الآن في القارة الجنوبية ويدعى أميلو ماركوس بالما)!.

وبالطبع لا ننسى إسرائيل التي تحاول تأكيد حقها في الأراضي الفلسطينية من خلال الترويج لحق العودة لوطن الأسلاف (حيث أقر الكنيست الإسرائيلي عام 1950 قانوناً يمنح أي يهودي في العالم الحق في العودة لإسرائيل ونيل جنسيتها دون مماطلة)..

هذا من جهة.. ومن جهة أخرى؛ تسعى لرفع نسبة المواليد اليهود فوق الأراضي الفلسطينية (وبالتالي كسب تأييد الدول الغربية التي تتبنى مبدأ منح الأطفال جنسية الأرض التي يولدون عليها).. فحتى عام 1972 كان عدد المهاجرين اليهود يفوق عدد المولودين داخل إسرائيل.. غير أن كفة المواليد تفوقت على المهاجرين منذ ذلك العام وبالتالي أصبح من حق المواليد الجدد المشاركة في الوطن الفلسطيني بحسب مبدأ "حق الولادة" بصرف النظر عن العرق والدين.. واليوم؛ من بين ستة ملايين يهودي يتواجدون في إسرائيل هناك 72% مولودون على أراض فلسطينية (يدعون يهود السابرا) و28% مولودون في أوروبا وأمريكا وبقية الدول (يدعون يهود

عوليم)!!

أما بخصوص عموم البشر فيمكننا القول إن الإنسان ورث كوكب الأرض بأكمله عن طريق الولادة فوق سطحه.. فبحسب ما تثبته الأحافير هناك عظام متحجرة تؤكد وجود حيوانات ونباتات وطيور وحشرات وأسماك سبقت الإنسان بملايين السنين.. ومن وجهة نظر إسلامية كانت الأرض عامرة بالمخلوقات قبل منحها للوريث الجديد آدم عليه السلام "إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِه".. فحين أخبر الله ملائكته بأنني "جاعل في الأرض خليفة" قالوا عن سابق تجربة "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" وقال بعض العلماء أي كان قبلهم أمم من البشر من لحم ودم بدليل "يسفك الدماء" في حين قال المسعودي: خلق الله في الأرض قبل آدم 28 أمة على خِلَق مختلفة..

وهذا يعني أن أبوينا آدم وحواء كانا ضيفين على كوكب الأرض حتى أنجبا أول أبنائهما قابيل (الذي قتل شقيقه التالي هابيل).. ومن خلال أبناء آدم، ورثنا نحن الأرض، وارتفع عددنا إلى سبعة بلايين إنسان، وتسببنا في انقراض آلاف الكائنات الحية التي سبقتنا في استعمار الأرض!

ولا تستغربوا أعزائي؛ فأول مولود بشري على كوكب الأرض، كان أيضاً أول قاتل في التاريخ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...