اسأل نفسك أنت هذا السؤال: هل هي خمس قارات تضم آسيا وأفريقيا وأوربا وأمريكا الشمالية والجنوبية؟ أم ست قارات تضم أستراليا (مع الأسماء السابقة) ؟ أم تصبح سبعاً في حال احتسبنا معها أمريكا الوسطى؟ أم لعلها ثمانية كوننا ننسى دائما احتساب القطب الجنوبي الذي يُخفي تحته مساحة هائلة من اليابسة؟
.. الحقيقية أنني شخصيا محتار بسبب حيرة العالم نفسه.. في أمريكا مثلا يعلمون الأطفال أن هناك سبع قارات.. وفي أوربا أنها ست.. وتخالفهم فرنسا التي تعتبرها خمساً وتتجاهل مناهجها الدراسية وجود القطب الجنوبي كقارة.. والأسوأ من هذا أن علماء الجغرافيا أنفسهم كانوا حتى وقت قريب لا يعترفون بغير خمس قارات (تمثلها الحلقات الخمس في شعار الدورات الأولمبية). ولكنهم في العقود الأخيرة أضافوا إليها أستراليا والقطب الجنوبي (فأصبحت سبعة) ثم عادوا ودمجوا آسيا مع أوربا (حيث اتضح أنهما كتلة جيولوجية واحدة ودعوها يورآسيا) فأصبحت ستاً!!!
... وهكذا يمكننا حسم الأمر والقول إنه بحسب الاعتراف الرسمي لمنظمة الجغرافيا العالمية، وبحسب التعريف الجيولوجي للقارة (صفيحة سطحية تكتونية Plate tectonics)، يملك كوكبنا الصغير ست قارات فقط هي: أفريقيا، وأستراليا، والقطب الجنوبي، وأمريكا الشمالية، وأمريكا الجنوبية، ويوروآسيا (التي تضم أوربا مع آسيا).
ومسألة الحيرة في عدد القارات تذكرنا بمسألة أكثر تعقيداً تتعلق بعدد الدول الذي لم يتفق عليه أحد.. فقبل تسطيري لهذا المقال بحثت جيدا في الكتب الاحصائية التي تصدرها المنظمات والهيئات الدولية.. ولكن المشكلة لا تتعلق بالمراجع ذاتها بل في تغير خارطة العالم بصورة أسرع من دور النشر؛ ففي آخر 25 عاماً فقط ظهرت 27 دولة جديدة يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة!!
أما بخصوص العدد الإجمالي لدول العالم فقد قرأت في مراجع مختلفة (نشرت في تواريخ مختلفة) أن العدد الفعلي هو 150 و 160 و 163 و 170 و 250 .. بل لدي نسخة من صحيفة الموند ديبلوماتيك الفرنسية حاولت فيها معرفة العدد الحقيقي لدول العالم فاكتشفت ان فرنسا تعترف ب190 دولة وأمريكا ب193وروسيا ب172 وألمانيا ب281. أما صحيفة الإيكونمست فاتخذت حلاً وسطاً وذكرت أن عدد دول العالم يتراوح مابين 168 الى 254 دولة !!
وتعود المشكلة إلى أننا كثيراً ما نخلط بين دول العالم والدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة (حيث لا تنضم لعضويتها دول مثل سويسرا والفاتيكان).. أضف لهذا هناك دول قد تعترف بها امريكا وتتجاهلها روسيا أو تؤيد استقلالها فرنسا وتتجاهلها بريطانيا ودويلات أخرى أقل أهميه من أن نتذكرها مثل لينخشتاين واندورا وليسوثو وكاراباتي وسأتومي (رغم أن الأولى والثانية تقعان في قلب أوروبا).
والأكثر غرابة أن هناك 46 دوله ماتزال (غير مستقلة) و15 دولة عزلت نفسها طوعاً أو كرهاً عن بقية العالم (مثل منغوليا ونيبال والمقاطعات المستقلة في جنوب إفريقيا) ناهيك عن كيانات يحتار المحللون في أي تصنيف يضعونها (مثل السلطة الفلسطينية وجزيرة القرم التي ضمتها روسيا مؤخرا) وأخرى (مثل تايوان) تكاملت فيها عناصر الدولة ومع ذلك لايعترف بها معظم العالم بسبب الضغوط الصينية..
أنا شخصيا أعترف بوجود 195 دولة في العالم (بحسب التعريف السياسي للدولة) دون احتساب تايوان التي أعتبرها بكل احترام جزءاً من الصين!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق