الاثنين، 7 أكتوبر 2019

اليوم الذي يكرهه الجميع


كتبتُ هذا المقال بمناسبة أول يوم يعود فيه معظم الموظفين لأعمالهم، والطلاب الى مدارسهم.. ربما من باب الشماتة.. وربما من باب التحذير.. وربما من باب المواساة والاعتراف بثقله على القلب..

وبالطبع لا يملك "الموظفون في الارض" غير الحضور رغم كرههم لأول يوم في العمل - والطلاب لأول يوم في المدرسة..

والحقيقة هي أن جميع الشعوب تكره أول يوم يأتي بعد أي إجازة سنوية.. بل حتى في اوقات الدوام العادية نلاحظ ان يوم الأحد (السبت سابقا) هو الاكثر ثقلا وصعوبة على الطلاب والموظفين، في حين أن الخميس (الأربعاء سابقا) هو الأكثر لطافة وخفة ظل لدرجة لا يكمله أحد حتى نهاية الدوام!

وبدلا من يوم الأحد يأتي يوم الاثنين (اول ايام الاسبوع في معظم دول العالم) كاكثر الأيام ثقلا وصعوبة على النفس والجسد.. وليس أدل على ذلك من الاحصائيات التي تثبت أن حالات الانتحار والأزمات القلبية تزداد في أول ايام الاسبوع وأول يوم في العمل بعد كل إجازة!

وكان الدكتور ستيفان ويليش (من جامعة برلين) قد تعقب حالات الإصابة بالأزمات القلبية لمدة خمس سنوات في منطقة اوجسبرج بألمانيا. واكتشف انه خلال تلك الفترة وقعت 5596 حالة إصابة كان نصيب اول يوم وحده 18%. وفي المقابل وجد ان أقل يوم حدثت فيه ازمات قلبية كان يوم الجمعة (اخر ايام الدوام في الغرب)!

والأزمات القلبية ليست الطرف الوحيد في العلاقة ؛ فعلى نفس السياق ثبت وجود علاقة بين الأيام الرسمية وبعض الحوادث والحالات المرضية (واسأل رجال المرور عن نسبة الحوادث في اول يوم يعود فيه الناس الى العمل والمدرسة). والسر هنا يعود الى التغيرات الناجمة عن خروج الجسم من حالة الدعة والاسترخاء إلى النشاط والتوتر المفاجئ. فجسم الانسان قد يتضرر من الارتفاع المفاجئ لضغط الدم والأدرينالين وشد الاعصاب والاحتكاك مجددا بالناس!!

وأتذكر شخصيا (أيام عملي في التعليم) أن خطابات التحويل الصحية وتقديم التقارير الطبية تكثر بين الطلاب والمعلمين يوم السبت وتنخفض يوم الأربعاء الذي يشهد إقبالا أكبر على أذونات الخروج المبكر وخطابات تخفيض التذاكر - ناهيك عن ارتفاع نسبة التمارض والشجار في المؤسسات التي لاتعطي موظفيها إجازة الا يوما واحدا في الاسبوع!!

ويبدو أن الظاهرة بعمومها لا تقتصر فقط على أول يوم في العمل؛ فقد ثبت ايضا وجود علاقة بين بعض المشاكل الصحية والاجتماعية وبين فصول وأشهر السنة. فقد لوحظ في امريكا مثلا أن جرائم القتل والاعتداء تهبط في أشهر الشتاء (حيث يتقوقع الناس في بيوتهم لوقت أطول) في حين تزيد في اجازة الصيف (حين يحتك الغرباء مع بعضهم البعض بنسبة أكبر). وما يبدو لي ان المناسبات السنوية هي المسؤولة - اكثر من الحالة النفسية للانسان - عن ارتفاع نسبة الجرائم في أوقات معينة.. فالسطو على البيوت مثلا يكثر خلال الاجازات الموسمية في حين تزداد نسبة الجرائم العائلية خلال الأعياد ومناسبات لمّ الشمل!!

.. هل تعرف ما هو أسوأ من العودة لأول يوم في العمل؟

.. العودة للوظيفة بعد سنوات من العمل في المنزل..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...