الأحد، 27 أكتوبر 2019

الضياع في بُعد مختلف


ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال اتحاد 13 مستوطنة إنجليزية استقرت على طول الساحل الشرقي للبلاد (من بورتلاند شمالاً حتى اتلانتيس جنوباً).. لم يكن الوضع سهلاً في البداية حيث كان يجب على المهاجرين الجدد التأقلم من ظروف الطقس والزمهرير والأمراض وقلة المحصول ناهيك عن هجمات الهنود الحمر.. لهذا السبب لم يكتب النجاح والازدهار لمعظم المستوطنات واختفى كثير منها لأسباب واضحة ومعروفة للمؤرخين..

غير أن هناك لغزاً صعب حله حتى يومنا هذا.. ففي القرن السادس عشر وصل من إنجلترا عدد كبير من العائلات للاستيطان في جزيرة روانك (التي لاتبعد كثيراً عن الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة). وكان المستوطنون يتمتعون بمستوى اقتصادي مرتفع نظراً لخصوبة الأرض ووفرة المحصول(والأهم) بعدهم عن هجمات الهنود الحمر.. غير أن سكان الجزيرة اختفوا تماماً عام 1905 في الوقت الذي بقت فيه مزارعهم ومواشيهم بدون أذى أو تغيير يذكر (وبقيت آثارهم الى اليوم كمتحف مفتوح)!

.. وحادثة اختفاء غريبة كهذه تجدها في تاريخ كل أمة تقريباً.. ففي فبراير 1956 مثلا أرسلت حكومة البرازيل بعثة لتقصي أثر مستعمرة اختفت بأكملها في غابات الأمازون، وكانت الحكومة قد بدأت بإنشاء هذه المستعمرة (وتدعى ولفيردا) كتجربة لتأسيس مدن جديدة في أعماق البلاد، وبدأت هذه المستعمرة بست مئة مزارع قبلوا بالانتقال اليها مقابل مزايا اقتصادية وأراض مجانية. غير أنهم اختفوا بلا سبب واضح بعد عامين ولم يكتشف لهم أثر حتى يومنا هذا(وكانت هذه الحادثة سبباً في فشل برنامج حكومة البرازيل في استيطان الأمازون)!!

.. أما في الصين فاختفت مجموعة من 3000 جندي خارج مدينة يانكين أثناء الحرب العالمية الثانية بلا سبب واضح.. وفي روسيا أختفى 112 جندياً بعد نزولهم في محطة نورسفيك في نوفمبر 1945.. وفي الحرب العالمية الأولى هاجمت فرقة بريطانية ممر غلبولي التركي، ورغم أن الأتراك أجبروا الإنجليز على الانسحاب إلا أن الفرقة اختفت لاحقا بلا سبب وجيه ولايعرف مصيرها إلى اليوم!

أما آخر الاختفاءات الكبيرة (إن تجاوزنا طبعاً تبخر جيش صدام حسين بمجرد دخول الأمريكان) حدث عام 2001 حين ذهبت بعثة من الأمم المتحدة إلى قرية تدعى سمتوتو لتقديم المساعدات الطبية لها.. كانت قرية عادية ضمن قرى كثيرة في شمال الكونغو تعاني من المجاعة والفقر والمرض.. ولكن بعثة الأمم المتحدة لم تجد أحداً من السكان حين وصلت الى القرية في صباح الأول من فبراير.. كانت البيوت سليمة والمواقد مشتعلة والحيوانات تحوم حول المكان ولكن لا أثر للسكان. وحينها افترض البعض أن سكان القرية أبيدوا على يد المتمردين ولكن البحث في الطرقات والبيوت لم يسفر عن إيجاد جثة واحدة.. وعلى بعد كيلومترات قليلة كانت توجد قرى مشابهة لم يسمع أهلها شيئاً غريباً حدث لسكان سمتوتو أو يستقبل منهم أحداً.. ببساطة اختفى سكان القرية بأطفالها وشيوخها ولم يكتشف لهم أثر حتى يومنا هذا!!

... أحد أجمل الافتراضات (وفي نفس الوقت أبعدها عن التصديق) افتراض اختفاء الضحايا في بعد زماني أو مكاني مختلف على كوكبنا ذاته..

وبمثال لا يصعب فهمه؛ الجن يعيشون معنا على الكوكب ذاته ولكننا لا نراهم ولا نشعر بهم لعيشهم في بعد فيزيائي مختلف.. ولندع مخيلتك تُكمل الباقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...