سبق وزرت ماليزيا ثلاث مرات في حياتي ذهبت في اثنتين منها إلى كهوف باتو خارج كوالالامبور.. وفي كل مرة لم يفاجئني أن يكون صاحب التاكسي هندوسيا يعرف جيدا أين تقع كون الهندوس هناك (الذين يشكلون 10% من سكان ماليزيا) حولوها إلى معابد خاصة بهم.. وأثناء الطريق قررت أن أسأل السائق سؤالا أعرف جوابه مسبقا: كم عدد الآلهة في ديانتكم؟.. فهز رأسه وقال بالانجليزية: لا أحد يعرف ولكنها أكثر من 10 آلاف.. قلت: ولماذا هذا العدد الضخم؟ قال: لكل شئ في الهندوسية آلهة ولكل آلهة أبناء ومساعدون، ولكل طائفة وفئة وقرية آلهة خاصة بها.. قلت متصنعا الاستغراب: وعلى هذا حتى رجال الدين لديكم لا يعرفون كافة الآلهة؟.. قال: صحيح؛ وحتى في الكتب المقدسة قد يطلق على ذات الإله أسماء متعددة، أو يطلق ذات الاسم على آلهة مختلفة.. فقلت (ولكن هذه المرة في سري) لوْ كان فيهمَا آلِهة إِلا الله لفسدتا!!
.. وتعد زيارة المغارات والكهوف والأنهار الجوفية متعتي المفضلة خصوصا حين أضمن الخروج منها سليما.. وبدون مبالغة أستطيع أن أحدثك لساعات عن هذا النوع من السياحة بعضها جربته بنفسي والآخر قرأت عنه حتى "القاع".. فعلى سبيل المثال يوجد على بعد 80 كلم جنوب تولوز في فرنسا نهر جوفي رائع يدعى لابوتشي (يعتبر الأطول من نوعه في أوروبا) ومصدر الروعة ليس في الكهف ذاته بل في إمكانية الإبحار بالنهر الجوفي لعدة ساعات تحت الأرض!
كما أتيحت لي فرصة زيارة شلالات نياجرا من الجهة الكندية بما يتضمنه ذلك من دخول كهوف وأنفاق تحت النهر مباشرة حيث توجد مطاعم ومحلات حفرت في الصخر وتنتهي معظم الأنفاق الى خارج الجبل حيث توجد شرفة كبيرة تتيح للزوار مراقبة الشلالات من "الخلف"!
.. أيضا هناك كهوف نياة في سرواك (في ماليزيا) التي لا تعد فقط واحدة من أكبر كهوف العالم، بل وأقدمها استيطانا حيث عاش فيها الإنسان منذ 40,000 عام وتحاط فيها أهم الأحافير والأواني الأثرية بسياج لحمايتها!
.. أيضا دخلت في نيوزلندا كهوف وايتومو المضيئة. وهي كهوف مظلمة من الداخل (ولا يسمح فيها بالإضاءة الاصطناعية) نظرا لوجود مخلوقات مجهرية تشع بإضاءة فسفورية في سقف الكهف.. وحين تبحر بالقارب في قعر البحيرة، وتنظر للأعلى، تبدو وسط الظلام الدامس وكأنها سماء مرصعة بآلاف النجوم..
.. أما أغرب وأجمل كهوف رأيتها في حياتي فهي تروميل باخ أو Trummelbach Falls قرب قرية انترلاخن في سويسرا.. فهي عبارة عن تجويف طويل (كالأفعى) يتدفق فيه نهر جوفي يضم مجموعة من المساقط والشلالات العميقة. وتكمن غرابة الشلالات في أنها غير مرئية لمن يرى الجبل من الخارج كون النهر يسير في باطنه ويحفر لنفسه أنفاقا متعرجة داخلية حتى يغوص نهائيا إلى أعماق لا يعرف أحد نهايتها تحت الأرض!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق