"السوابق لواحق" مثل عامي يستشهد به غالباً في المواضيع المالية والتجارية.. فالسابقون إلى كل طفرة (سواء كانت عقارات أو أسهماً أو مناصب) أصبحوا أصحاب غنى وجاه فى حين انتهت الفرصة الجيدة مع الأجيال الجديدة كونهم حضروا.. بعد امتلاء الباص!!
ومن وجهة نظر خاصة يجب أن يُدرس هذا المثل كقانون اقتصادي وتجاري وأن يعيه جيداً التجار ورجال الأعمال.. ففي جميع دول العالم يلاحظ أن الشركة التى (تبتكر منتجاً جديداً) تظل أبد الدهر صاحبة المركز الأول فى نسبة المبيعات حتى وإن زاحمتها لاحقاً شركات ومنتجات مشابهة...
فعلى سبيل المثال الطابعة التي أكتب بها هذا المقال من إنتاج شركة هوليت بكارد أول من أنتج طابعات الليزر المكتبية.. ولأنها (الأول) نجدها حالياً تسيطر على 50% من هذه السوق!
وجميعنا يعرف ان كرايسلر أصغر الشركات الأمريكية فى إنتاج السيارات ومع ذلك نجدها تسيطر على 50% من سوق سيارات الدفع الرباعي لأنها ببساطة (أول) من اخترع الجيب!!
ولأن المخترع الأمريكي جيليت (أول) من ابتكر شفرة الحلاقة الآمنة؛ نجد اليوم أن شركته تسيطر على سوق الشفرات العالمية..
وكانت شركة مايكروسوفت أول من طور بيئة تشغيل للكمبيوتر الشخصي واليوم تسيطر الشركة على 81% من سوق البرامج الشخصية!
وزيروكس بعد أن كانت شركة صغيرة لإنتاج الورق اخترعت ماكينة النسخ الجاف ومازالت تسيطر على 45% من هذا السوق!!
وسوني بعد أن كانت ورشة لإنتاج أدوات المطبخ تحولت إلى اخطبوط صناعي بفضل تطويرها تقنية الترانزستور (الذى اشترت فكرته من معامل ابل ب25 ألف دولار) واحتكرت بالتالي سوق الأجهزة الالكترونية المصغرة!!
وحين اكتشفت مادة الأبروفين المسكنة للألم كان (أول) منتج منها ينزل الى الأسواق هو عقار "أدفيل" ثم ال"نوبرين" ثم ال"ميديبرين".. واليوم تشكل مبيعات أدفيل50% من السوق يليه النوبرين ب10% ثم الميديبرين ب 1%!!
وقد لا يكون المنتج أول النازلين للأسواق؛ ولكنه مع ذلك يحقق نجاحاً خارقاً لأسبقيته في مسألة ثانوية مهمة. فشركة فولفو مثلاً ليست أول من صنع السيارات؛ ولكنها (أول) من اخترع حزام الأمان وصنع سيارة توفر فرص النجاة من الحوادث فاحتكرت بهذا حصة كبيرة من الأسواق..
ومن يتأمل أسواقنا المحلية يجد أن أكثر البضائع رواجا هي أقدمها وصولاً إلينا: فتايد تسيطر على سوق المنظفات؛ وهاينز على سوق الكاتشب؛ والاسبيرين على المسكنات؛ والبيبسي على المشروبات (رغم أنها الثانية فى أمريكا بعد شركة كوكاكولا)!
إذاً ماهو سر العلاقة بين (الأول) و(الأكثر مبيعاً)؟
يبدو أن السر يكمن فى طبيعة البشر أنفسهم؛ فالناس دائماً تتذكر الأول وبالكاد الثاني وتنسى البقية؛ فنحن مثلاً نتذكر بطل العالم فى كرة القدم ولكن بالكاد تذكر الوصيف.. في حين ننسى البقية تماما.. وحين ينزل منتج جديد إلى الأسواق يرسخ فى أذهان الناس بسهوله (لأنه الأول والوحيد) ثم تتملك الناس قناعة بأنه الأصل والأساس وينظرون لبقية الماركات كتابع ومقلد.. صحيح اننا قد نتذكر المنافس التالي له (كونه دائم المنافسة والحضور) ولكن بقية الماركات تصبح في أذهاننا عائمة وضبابية ولا يعتمد بها..
اسأل نفسك:
من برأيك المنافس الشرس لهواتف الآيفون؟
... حسناً... ومن بعد السامسونج!؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق