الخميس، 29 أغسطس 2019

حضارات الميجالت


حضارات كثيرة حول العالم اندثرت ولم تترك خلفها تاريخا مكتوبا..

شعوب (من قبل التاريخ) لم تعرف الكتابة ولكنها تركت منشآت حجرية تشكل اليوم لغزاً عويصاً.

فمن بتراء الأردن، الى مدرجات المكسيك، مروراً بأنكور كمبوديا، وانتهاء بالمدينة اليابانية الغارقة.. لا نعرف شيئاً عن أصحابها ولا كيف أو لماذا هجرها أهلها!!

.. وفي إنجلترا يوجد نموذج لأشهر وأقدم هذه الآثار الحجرية الغامضة. ورغم أنه ليس بضخامة الأهرامات ولا برشاقة البانثيوم ولا بوضوح سور الصين إلا أنه يتميز عنهم بغموضه واختلاف الآراء حول أصحابه والهدف من بنائه..

يدعى ستونهنج وهو ليس أكثر من حجارة ضخمة بحجم الباص تتراص بشكل دائري وتحمل فوقها عوارض أفقية بنفس الحجم. والمؤكد أنه يعود إلى حضارة مجهولة استوطنت إنجلترا وبرعت في حمل ونقل ونحت الحجارة الثقيلة (وتدعى في لغة الخبراء بحضارة المجالت أو بُناة الصخور الضخمة). ورغم أن ترتيب الصخور بهذا الشكل يوجد في عدة أماكن في بريطانيا إلا أن ستونهنج يعد أكبرها وأقربها إلى الكمال..

ويتشكل النصب أساساً من دائرة خارجية تضم خمسين حجراً ضخماً تقف بارتفاع ستة أمتار. فيما تضم بداخلها دائرة أكثر قدماً لايزيد ارتفاع الصخور فيها عن المتر الواحد. ورغم أن قسماً كبيراً من البناء الأساسي سقط حالياً إلا أن استنتاج الشكل الكامل لستونهنج لم يكن عملاً صعباً. وفي عام 1922 باشرت الحكومة البريطانية لأول مرة في ترميم الموقع حسب نموذج اتفق عليه أفضل الخبراء. ومنذ السبعينات تحول ستونهنج إلى واحد من أشهر المواقع السياحية في إنجلترا - ويمكنك رؤية صورة في جوجل من خلال إدخال هذه الكلمة Stonehenge!

ومما يثير الدهشة أن أقرب مقلع للحجارة يبعد حوالي 40 كلم في حين تزن الحجارة الخارجية ثمانية أطنان (وللمقارنه يبلغ وزن كل حجر في إهرامات الجيزة طنين فقط). ويشترك ستونهنج مع مواقع أثرية كثيرة في احتوائه على صخور بالغة الثقل رفعت بلا تكنولوجيا متقدمة. وبسبب وزن الحجارة الهائل افترض البعض أن القدماء اكتشفوا طريقة تلغي الجاذبية وترفع الصخور بإشارة من اليد. كما ادعى آخرون أن دقة القياس وتوافق الموقع مع حركة الشمس تم بإرشاد من مخلوقات فضائية متقدمة.

ومن المعتقد أن ترتيب الصخور بهذا الشكل قصد منه التنبؤ بالأحداث المهمة والعمل كتقويم شمسي دقيق. فقد نصبت الحجارة الضخمة بقياس محكم بحيث تدخل أشعة الشمس في كل شهر من مشرق جديد. وبالإضافة لهذه المهمة لعب ستونهنج دوراً مقدساً لدى القبائل القديمة واستخدم لفترة طويلة كمركز للطقوس الدينية!

وخلال تاريخها الطويل سقطت أو نهبت أغلب الصخور الضخمة في مواقع الميجالت. فقد نقل العديد منها لبناء القصور والقلاع أو بيعها بالتجزئة. وحين انتشرت المسيحية في إنجلترا أرسل البابا عدة حملات لتدمير مواقع الميجالت خوفاً من عودة الناس إلى الوثنية. غير أن ضخامة وبعد موقع ستونهنج ساعدا على حفظه حتى اليوم - ومايزال حتى اليوم يشكل لغزاً عويصاً كما شاهده الرومان لأول مرة قبل ألفي عام!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...