الجمعة، 30 أغسطس 2019

غريبة على كوكب الأرض!


ماذا سيكون ردّ فعلك لو فتحت الراديو وسمعت هذا الخبر:

.. تتعرض الأرض حالياً لغزو فضائي من مخلوقات صغيرة تأكل المنازل والمعادن والسيارات وأسلاك الكهرباء وتحولها إلى تراب ناعم.. وهذه المخلوقات الغريبة لا يمكن قتلها بالأسلحة العسكرية المعروفة ولا تتأثر بالأشعة الذرية التي يفوق معدلها مليون مرة مايقتل الإنسان…!

الخبر السعيد انه لم تزرنا مخلوقات فضائية بهذه الشراسة..

أما "غير السعيد" فهو أن هذه الكائنات تعيش معنا على كوكب الأرض وهي نوع فريد من الميكروبات شبة الخاملة اكتشفها فريق من جامعة روكفلر عام 1996.

الغريب ليس وجود مخلوقات أرضية بهذه الصفات الخارقة؛ بل في عيشها في ظروف متطرفة لم يتصورها أحد. فهذا الميكروب مثلاً يعيش حول البراكين النشطة على عمق ميلين تحت المحيط الباسيفيكي. وهو ضمن أنواع لا تحصى من الطحالب والبكتريا التي تعيش حول البراكين العميقة، حيث الظلام دامس، والمياه مكبرتة، والأوكسجين معدوم، ودرجة الحرارة تفوق الغليان!!

وفي العقدين الماضيين بالذات اكتشفت مخلوقات تعيش في بيئات قاسية لا تتوفر فيها المتطلبات الأساسية للحياة. فبالإضافة للبيئات البركانية في أعماق البحار اكتشفت أنواع من الطحالب تحت تسعمائة متر من ثلوج القطبين (وكنت قد تحدثت في مقال قديم بعنوان مغارة من عالم آخر عن اكتشاف مغارة في رومانيا انغلقت قبل خمسة ملايين عام فتطورت بداخلها مخلوقات مختلفة عن النظام الحياتي على كوكب الأرض والمعتمد على التمثيل الضوئي ووجود الأوكسجين والماء)!!

والأغرب من هذا كله التقارير المتواصلة عن اكتشاف ديدان وضفادع ويرقات داخل حجارة صماء أو جذوع متحجرة (حيث لا يوجد ماء ولا هواء ولا حتى فراغ للتحرك).. هذه الظاهرة سجلت في أنحاء كثيرة من العالم ومازالت بلا حل ويطلق عليها اسم الأحافير الحية أو (Living Fossils).

والاكتشافات المتوالية لكائنات أرضية تعيش في بيئات متطرفة كهذه جعل العلماء يتسامحون أكثر حيال إمكانية وجود كائنات حية على الكواكب الأخرى؛ بمعنى، حتى إن لم تتوفر عناصر الحياة المعروفة على أحد الكواكب فإن هذا لا يمنع وجود أنواع مختلفة من الحياة لا نعرفها!!

هذه النظرة الجديدة جعلت المزيد من العلماء يشككون في تقرير مركبة الفايكنج (التي هبطت على المريخ عام 1976) والقائل بعدم وجود حياة على سطحه. فالمركبة (من جهة) حللت تربة المريخ بناءً على المتطلبات الحياتية التي ينبغي وجودها على الأرض، ومن جهة أخرى لم تختبر إلا منطقة محدودة جداً من سطح المريخ (والأرض ذاتها لا تضم حياة في بعض مناطقها).

وقد تعزز هذا الرأي عام 1996 حين أعلن علماء ناسا اكتشاف آثار حياة متحجرة على نيزك سقط من المريخ. واليوم يوجد 15 نيزكاً تم التأكد من أصلها المريخي وتضم حياة بدائية متحجرة كانت مزدهرة على كوكب المريخ في الماضي السحيق.

باختصار شديد؛ إن أردت البحث عن إمكانيات الحياة في الفضاء البعيد، فتأكد أولاً من إمكانية ظهورها في البيئات المشابهة والمتطرفة على كوكب الأرض!

(ويخلق مالا تعلمون)!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...