الخميس، 29 أغسطس 2019

كم مرة عاد الإنسان إلى العصر الحجري!؟


لو استمر تقدم الحضارة الفرعونية أو البابلية لكنا اليوم نتنزه بين النجوم..

ولكن المشكلة أن الحضارات القديمة (خصوصا في ظل انقطاع سبل التواصل بينها) كانت تأخذ نصيبها من التقدم والازدهار حتى تتراجع ويخبو بريقها ثم تختفي تماماً ويعود الناس مرة أخرى الى عصر حجري (خاص بكل منطقة على حدة)!!

وعصرنا الحاضر ليس استثناء ولكنه مخادع لسببين رئيسيين:

الأول أن أمم الأرض الحالية تنقسم بين قلة رائدة (في العلم والتقدم والتكنولوجيا) وكثرة تعيش متطفلة على غيرها بحيث لو انقطعت عنها إبداعات وصناعات الأمم المتقدمة لعادت بسرعة الى العصر الحجري (وراجع في النت مقال: هل يعيش العرب في العصور المظلمة)...

والسبب الثاني أن معظم التقدم العلمي والتكنولوجي الحالي (حتى في الدول الرائدة علمياً) ظهر خلال المئتي عام الأخيرة وبالتالي لك ان تتصور حالنا لو لم ينقطع خط التقدم الحضاري الذي بدأ به الفراعنة أو الأزتيك أو الآشوريون قبل آلاف السنين أو مدى التقدم الذي سنصل اليه لو استمر تطورنا الحالي الى ألف أو ألفي عام قادمين بلا انقطاع!!

... الحقيقة هي أن تقدمنا الحالي لا يعد شيئا يذكر (حتى) مقارنة بعمر البشرية ذاتها؛ فرغم أن القرن العشرين تميز بتقدم العلم وثورة التكنولوجيا، ورغم ان المعارف فيه تراكمت وتحول العالم الى قرية صغيرة ؛ إلا أنه ليس إلا جزء (من أربع مئة جزء) مقارنه بعمر الانسان على الارض. أما مقارنة بعمر الحياة ككل فإن القرن العشرين ليس اكثر من ورقة من موسوعة تشمل ستين ألف صفحة وبناء عليه من المنطقي التسليم بظهور واندثار حضارات عديدة تشبه حضاراتنا الحالية!

... المدهش أكثر أن عمر كوكبنا بأكمله يعد حديثا(جدا جدا) مقارنة بكواكب أقدم عمرا في الكون.. والبون الشاسع بين عمر الارض والكواكب الأخرى هو الذي جعل بعض علماء الفلك يعتقدون أننا متخلفون جدا ولا نملك ما يغري الحضارات المتقدمة في الكون على زيارة كوكبنا الصغير (حيث الآيفون أفضل ما توصلنا إليه حتى الآن)!!

وسواء تحدثنا عن الأرض او كواكب الكون الأخرى فلا سبب يمنع (في الماضي) تكرار نفس التقدم المادي لعصرنا الحاضر (خصوصا قبل التاريخ المكتوب للبشرية).. صحيح ان المجتمعات البشرية تنحدر بعد كل ازدهار، وصحيح ان الفجوة الزمنية قد تطول لدرجة نسيان الحضارة السابقة؛ ولكن العقل البشري ظل على الدوام محتفظا بنفس مهارته وتعقيده وقدرته على بناء حضارة جديدة (بدءا من عصور حجرية عديدة) من خلال مراكمة المعرفة والخبرات المتقدمة!

... باختصار ؛

التصديق بتفرد حضارتنا التكنولوجية الحالية فيه إجحاف بعبقرية الشعوب القديمة ..

وأخشى أن التصديق بمشاركتنا فيها فيه إجحاف للقديمة والحديثة على حد سواء !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...