الجمعة، 30 أغسطس 2019

أطفال اليوم أقرب إلى سن المئة


لم يتضاعف عدد البشر فقط في القرون الأخيرة بل وطالت أعمارهم الى حدود غير مسبوقة.

ففي القرن الخامس عشر مثلا كان متوسط عمر المواطن الأوربي34 عاما.. وفي القرن السادس عشر ارتفع الى 48 عاما.. وفي السابع عشر ارتفع الى 50 عاما.. واليوم تجاوز ال80 عاما في ايطاليا وسويسرا وفرنسا وايسلندا مما يعني إمكانية تجاوز عدد أكبر من المواطنين سن المئة بسهولة.

ولسبب غير مؤكد يبدو أن الآسيويين يعمرون أكثر من بقية الأعراق البشرية حيث يتقدم اليابانيون وسكان هونج كونج كافة البشر فيما يتعلق بمتوسط العمر حيث يبلغ في اليابان 83 عاما (وللنساء 86) وفي هونج كونج 82 عاما (وللنساء 84)!!

... حتى في جزيرة العرب يتجاوز متوسط العمر هذه الأيام 73 عاما (استنتجتها من الأرقام المتوفرة عن السعودية وعمان والامارات) في حين لم يكن متوسط الأعمار زمن الصحابة والتابعين يتجاوز 35 عاما (استنتجتها بمقارنة التواريخ مع عدد البشر وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين)!!

وفي حال مزجنا متوسط الأعمار في (جميع) الدول سنخرج بمتوسط عام ل(جميع) البشر هذه الأيام يتراوح بين63 و67 عاما..

وفي المقابل وحسب ماجاء في الموسوعة البريطانية لم يكن متوسط العمر في العصر البرونزي يتجاوز26 عاما، وفي العصر الإغريقي والروماني 28 عاما، وفي مطلع القرن العشرين 31 عاما فقط!!

... ولا أحتاج طبعا لتذكيركم بأننا نتحدث هنا عن (متوسط العمر) وليس الحد الأقصى الذي يتوفى عنده البشر.. فحين نقول مثلا أن متوسط العمر في أحد المجتمعات الفقيرة لا يتجاوز ال40 عاما فهذا لا يعني أن أعمار الناس فيه تنتهي عند هذا الرقم؛ بل يعني أن معظم الناس يموتون في هامش يتراوح بين سن الثلاثين والخمسين عاما في حين يتسع الهامش للقلة المتبقية أما للعيش لسنوات أكثر، أو الوفاة في سن أبكر!

... وهكذا؛ قد لا يعني (متوسط العمر) شيئا لكل فرد على حدة، ولكني يعني الكثير بالنسبة للمجتمعات البشرية ومؤشرات الرعاية الصحية. فمتوسط العمر مثلا في سويزلاند الأفريقية لا يتجاوز49 عاما في حين يتجاوز في سويسرا الأوروبية 82 عاما (مما ينبئ عن الفرق الشاسع بين الرعاية الصحية في كلا البلدين)..

وهناك دراسة نظمها عالم الرياضيات رونالد ليي من جامعة كاليفورنيا تثبت أن احتمالات وفاتنا هذه الأيام في سن 72 عاما (سواء بالأمراض أو التعرض للمخاطر) تساوي احتمالات وفاة أجدادنا في الماضي في سن ال30 عاما.. والمدهش أن هذه القفزة حدثت بفضل تحسينات بسيطة في نوعية الحياة مثل الحصول على المياه النظيفة، والطعام الكافي، والرعاية الصحية الأولية.. ونتيجة كهذه تترك الباب مفتوحا لإطالة عمر الانسان سنينا أكثر (ليس من خلال اكتشاف أكسير الحياة) بل من خلال إضافة المزيد من الإجراءات الحميدة والمؤثرة على حياته مثل التشخيص المبكر، ورفع مستوى الوعي الصحي، ومكافحة أبرز الأمراض المسببة للوفاة!!

... وبفضل التصاعد المستمر في متوسط أعمار البشر يمكن القول أن من يولدون هذا العام (2013) يملكون حظوظا بتجاوز سن المئة أكثر ممن يقرأون الآن هذه الجريدة، وأكثر ممن ولد زمن الصحابة والتابعين بتسعة مرات على الأقل!!

... أتساءل إن كان هناك سقف سنتوقف عنده!؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...