الخميس، 29 أغسطس 2019

أين تذهب طاقة الدماغ الفائضة؟


نحول الجسم سمه تميز المحبين، والمهمومين، والمُبتلين، والمشغولين بالقضايا الكبرى..

وفي حين نعرف الكثير عن أسباب الحب، وقصص الابتلاء، ومحاولات إصلاح الكون، لا نكاد نعرف شيئا عن سبب الرشاقة و"النحول" الذي يصيب هذه الفئة الحساسة والشفافة من الناس...

لا أحاول هنا ابتكار ريجيم ناجح أو طريقة مضمونة للرشاقة (رغم أن ذلك يضمن دخولي قائمة أغنى أغنياء العالم) إنما لفت انتباهكم الى وجود محرك جبار فوق أكتافنا يستهلك كميات كبيرة من الطاقة (أكثر حتى من عضلة القلب الأكثر منه قوة وحركة)..

فدماغ الانسان يستهلك في الأحوال العادية 10 سعرات بالدقيقة ترتفع حتى 15 و20 سعرة حين نفكر بعمق أو نلعب الشطرنج.. وهذه الكمية تعد كبيرة مقارنة ب 4 سعرات في الدقيقة يقتضيها مشيك للبقالة أو10 سعرات في الدقيقة يتطلبها ركضك في شوارع الرياض.. وهذا الاستهلاك المفرط هو ما يفسر استحواذه على 75% من سكر الدم وجلوكوز الكبد وحرق 25% من الأوكسيجين الذي نتنفسه (وهو ما يجعلني أشبهه بمحرك بورش خارق، في جسد ونيت هرم) !!

... وفي الحقيقة، حتى حين لا تشغلك هموم الدنيا وتحصيل الرزق ومحاولة إصلاح الكون لا يتوقف دماغك عن العمل والتفكير وإدارة أعضاء الجسم.. لا يتوقف عن تحليل المواقف وابتكار الحلول واستقبال ملايين الرسائل العصبية والاستجابة لها خلال جزء من الثانية..

وحتى حين تنام وتنام أعضاؤك الأقل استهلاكا يستمر دماغك مستيقظا ويعمل على إعادة أرشفة المعلومات والخبرات التي تلقاها طوال اليوم.. ومن أجل حفظ توازنك النفسي والعقلي والعصبي يفبرك وقائع افتراضية إضافية (ندعوها أحلاما) تشعر خلالها وتسمع وتحس دون أن تغادر فراشك أو تستعمل حواسك الخمس فعلا...

● السؤال هو: وماذا يفعل الدماغ بالطاقة التي تفيض بعد كل هذه المهام!؟

.. فنحن نعرف أن "السعرات الحرارية" كانت في أصلها طعاما صلبا، وطاقة ملموسة، وبالتالي من حقنا افتراض عدم استهلاكها بهذه الكمية الكبيرة دون نتيجة مقابلة (فالطاقة كما نعرف لا تفني ولا تستحدث ولكن تتحول من شكل لآخر)!!

... ولأن مانعرفه أقل بكثير مما اكتشفناه أفترض أن استهلاك الدماغ الشره للطاقة قد يكون مؤشرا على وجود مهام كثيرة غامضة لا نعلم عنها شيئا.. مهام غامضة لم يجد لها العلماء تفسيرا حتى الآن مثل التخاطر، والاستبصار، والحلم بالمستقبل، والإحساس بقدوم الكارثة، والشعور بالتواجد سابقا في ذات المكان!!!

... وحتى نكتشف أين تذهب طاقة الدماغ الفائضة أعتقد أننا اكتشفنا من خلال هذا المقال حمية جديدة وطريقة بسيطة لتحقيق الرشاقة..

أعني أيهما تفضل: خسارة 10 سعرات بالدقيقة من خلال التفكير العميق، أم خسارة نفس السعرات الحرارية من خلال الركض في أجواء الرياض المُغبرة؟

... تفكروا يا أولي الألباب...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...