الخميس، 29 أغسطس 2019

إضاءات على الجزء الأول


من طبيعة الحوارات التلفزيونية التركيز على النقاط الحساسة واجتزاء الأفكار بطريقة (ويل للمصلين)..

ومن طبيعة المشاهدين لهذه الحوارات نسيان السياق الذي أخذت منه أو اعتمدت عليه وتذكر النقاط الحساسة والجريئة فقط...

لهذا السبب أرى أن الحكم على "الضيف" يجب أن يؤخذ من كتاباته الموثقة وليس من لقاءاته المتلفزة كونها تعتمد على السرعة والاجتزاء والتفرع والانتقال للنقطة الثانية قبل استكمال الأولى (خصوصا مع مذيع لماح وسريع البديهة كتركي الدخيل)...

ومن خلال ردود الفعل على حلقتي إضاءات (في آخر جمعتين) لاحظت تركيز بعض المتابعين على نقاط قليلة بدت لهم حساسة وجريئة..

ففي الجزء الأول مثلاً كثرت ردود الفعل (في تويتر الفيسبوك وموقع الصحيفة) على ثلاث نقاط أساسيه هي:

الحجر الأسود واحتمال نزوله من السماء كالألماس الأسود...

والثانية التساؤل عن احتمال نبوءة رجال صالحين مثل بوذا وكونفيشوس وزرادشت...

والثالثة؛ أين ذهبت خطب الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم..

... ودعونا نأخذها بالتفصيل:

فبخصوص الحجر الأسود؛ حين تفكر في أصله القديم لا تخرج عن ثلاثة احتمالات رئيسية:

الاحتمال الأول أن يكون من أصل الأرض..

والاحتمال الثاني أنه صنع بيد الإنسان..

والاحتمال الثالث أنه نزل من السماء!!

إن اخترت الاحتمال الأخير، فهذا ما قلته أنا (بالضبط) وقدمت ثلاثة أحاديث تؤكد نزوله من السماء فعلاً من بينها "الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله تعالى نورهما ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب"

أما النقطة الثانية التي كثر النقاش حولها فبخصوص بوذا وكونفيشوس وزاردشت واحتمال كونهم من أنبياء الله الذين لم يذكرهم في القرآن الكريم..

وبهذا الخصوص دعني أذكرك بخمس حقائق أكدت عليها أكثر من مرة في اللقاء:

الأولى أن الفكرة كانت على سبيل التساؤل وليس الإقرار كما يتضح من عنوان المقال نفسه "هل كانوا أنبياء؟"..

والثانية أن هناك 24 ألف نبي لا نعرف منهم غير 25 فقط وبالتالي مالذي يمنع المؤرخين من البحث عنهم (خصوصاً أن بعض المفسرين الأوائل تساءلوا عن أصل اللات والعزى ويغوث ويعوق ونسرا، وطرح بعضهم احتمال أن يكونوا أنبياء أو رجالاً صالحين طال بهم العهد فعبدهم الناس)!

والحقيقة الثالثة أنني لم أجزم بنبوءتهم بل أشرت إلى أن سيرتهم ودعوتهم الى التوحيد والأخلاق الحميدة تجعلهم (أٌقرب العظماء) لهذا الاحتمال.

والرابع أنه حتى في حال تأكد هذا الاحتمال (من قبل أحد الباحثين مثلاً) فهذا لا يعني الاعتراف بدياناتهم الحالية التي قلت صراحة إنها انحرفت اليوم ب180 درجة ولا يجوز زواج المسلمين من أتباعها..

أما النقطة الخامسة؛ فهي أن المقال (لم ينشر أصلاً) خشية وجود من يسيء الفهم أو يجتزئ منه بطريقة (ويل للمصلين)!!

أما بخصوص النقطة الثالثة "أين ذهبت خطب الرسول؟" فلا أعلم لماذا نتحرج من التساؤل عن كيفية ضياع هذه الثروة النفيسة.. فالرسول صلى الله عليه وسلم ألقى خلال حياته 520 خطبة جمعة لم توثق أو تنقل إلينا باستثناء جزء صغير من خطبة الوداع.. وفي المقابل ظهرت (بعد وفاته) آلاف الأحاديث الموضوعة أو ضعيفة السند بدليل قول الإمام البخاري نفسه: خرّجت كتابي هذا من 600 ألف حديث ضعيف أو موضوع (صحح منها 4 آلاف فقط بدون تكرار اختارها لكتابه)!!

أحبائي..

قد تكون التساؤلات جريئة وصريحة (ولهذا السبب تم اختيارها وصعب عليكم نسيانها) ولكنها لا تعارض شرعاً، ولا تخالف نصاً، وتتفق مع دعوة أولي الألباب للتذكر والتأمل...

وللحديث بقية نناقش فيها أبرز ما جاء في الجزء الثاني...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...