الخميس، 29 أغسطس 2019

إضاءات على الجزء الثاني


قلت في آخر مقال إن هناك نقاطاً رئيسية ومواضيع حساسة تبقى في رأس المشاهد بعد انتهاء اللقاء المتلفز ويتذكرها للضيف فترة طويلة.. فمن طبيعة الذاكرة البشرية تذكر "رؤوس الأقلام" ونسيان التفاصيل أو السياق التي قيلت فيه..

فلو سألت أحدهم اليوم: ماذا قال الأحمدي في الجزء الأول من برنامج إضاءات؟ سيقول لك تحدث عن الحجر الأسود.. وعن احتمال نبوءة بوذا وكونفشيوس.. وكيف أضعنا 520 خطبة للرسول الكريم (وهي نقاط أجبت عليها بالتفصيل في آخر مقال)..

وأكون في خير ونعمة لو تذكرها أحدهم بهذه الصيغة ولم يطرحها بطريقة مشوهة أو ماكرة، توحي بشيء سلبي (كما حدث للأسف في بعض مواقع التواصل الاجتماعي)..

أما بخصوص الجزء الثاني من لقائي على قناة العربية فقد لاحظت أن أبرز ثلاث نقاط أثارت اهتمام المشاهدين هي:

تأييدي لنظرية داروين (ولاحظ تأييدي)..

وموقع سد يأجوج ومأجوج..

واقتراح وجود محركات زواج شرعية...

... ودعونا نأخذها بالتفصيل..

فنظرية داروين تتضمن جوانب عديدة بحيث يصعب منحها حكماً مطلقاً أوشاملاً.. فهي تتحدث مثلاً عن إمكانية نشوء الحياة من العدم الأمر الذي تعارضه الأديان السماوية رغم اعتقادي بعدم خروجه عن المشيئة الإلهية بدليل قوله تعالى «فأحيا به الأرض بعد موتها»..

كما تتحدث عن تطور الكائنات وتشعبها من أصل واحد: وهذا ليس فقط داخلا ضمن المشيئة الألهية بل وأثبته القرآن في أكثر من 34 آية مثل قوله تعالى «يزيد في الخلق ما يشاء» و«وبث فيها من كل دابة» و«ومن آياته خلق السموات والأرض ومابث فيهما من دابة»... ولمزيد من التفاصيل ابحث في النت عن مقالي الأصلي بعنوان "محاكمة داروين"!

أما القارئ أو المشاهد الذي لا يعرف من نظرية داروين غير انحدار الانسان من القرد (ويصر على وجود هذه الخرافة في كتاب أصل الأنواع المرجع الرئيسي لهذه النظرية) فأقول له ماقلته على الشاشة: أنا شخصياً أنكر هذه الخرافة وأعتقد أن الانسان خلق كاملاً في أحسن تقويم ...

أما بخصوص سد يأجوج ومأجوج فيجب أن نميز بين فكرتين وردتا في نفس السؤال، الأولى إنني كتبت فعلاً مقالاً بعنوان لا تصدقوا أكاذيب التراث (ابحث عنه في النت) حذرت فيه من تصديق خرافات التراث وأحاديث الإسرائيليات والاستشهاد بها كمرجع ديني أوعلمي..

وبمهارة المذيع المشاغب سألني الاستاذ تركي الدخيل عن رأيي إذاً عن مكان سد يأجوج ومأجوج (خصوصا أننا انتهينا للتو من فقرة الجغرافيا التي أبديت فيها قناعتي بانكشاف كافة المواقع الجغرافية على كوكب الأرض).. وهنا قلت صراحة إنني أتوقف عند حدود النص القرآني (كما هو ظاهر) وكررت ذلك ثلاث مرات... ومازلت متوقفاً !

أما بخصوص حديث الجساسة، فلو أنه ورد مباشرة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم لتوقفنا عنده أيضا، ولكنه ورد عن قصة حدثت لتميم الداري (وهو نصراني أسلم زمن الرسول) تخالف ناموس الله في خلقه بخصوص عدم خلود أحد (وهو المسيح الدجال في هذه الحالة) وعلم الجساسة بما سيحدث مستقبلاً (ولا يعلم الغيب إلا الله)..

وكان الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قد سئل عن قوله في حديث الجساسة فقال بالنص:

"قولنا فيه أن النفس لا تطمئن إلى صحته عن النبي لما في سياق متنه من النكارة وقد أنكره الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره إنكارا عظيما لأن سياقه يبعد أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم".

أما النقطة الثالثة فأمرها بسيط وتحتاج فقط لحسن نية في شبابنا وشاباتنا.. وكاتب المقال..

فشبابنا وشاباتنا لا يملكون خيارات حقيقية حين يقررون الزواج؛ فخيارات الشاب محصورة بما تراه والدته، وخيارات الشابة محصورة في البقاء في بيت أهلها بانتظار النصيب..

وكان اقتراحي (الذي طرحته قبل 14 عاما) هو إنشاء محركات بحث شرعية للتوفيق بين رغبات الطرفين وقلت في اللقاء: ولا بأس في أن تكون تحت اشراف وزارة العدل أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...

المفارقة المضحكة أنه في السنوات التالية ومع الانتشار السريع للانترنت تحقق جزء من هذا الاقتراح .. ولكن للأسف .. من خلال ظهور محركات بحث خاصة بزواج المسيار والوناسة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...