الخميس، 29 أغسطس 2019

النيزك التالي


قبل 65 مليون عام لم يكن الإنسان قد خلق بعد ولكن الحياة كانت متنوعة إلى حد كبير.. كانت الديناصورات هي العنصر المسيطر براً وجواً وبحراً قبل أن تختفي بلا مقدمات (ويختفي معها 90% من مخلوقات الأرض)..

هذا الانقراض المفاجئ بقي لغزا حتى اكتشف العلماء أن نيزكاً كبيراً ارتطم بالأرض (وأحدث حفرة عملاقة في شبه جزيرة يوكوتان في المكسيك) وتسبب بموجات تسونامي شملت كامل الكوكب وأثرت على النظام البيئي والمناخي له بحيث عجزت معظم الكائنات عن التعايش معه!!

المدهش أن العلماء اكتشفوا انقراضات صغيرة مماثلة نتجت عن (200) ارتطام نيزكي مشابه منذ ذلك الحين. وفي كل مرة كان الاصطدام يأتي في زمن محسوب وكان حجم الانقراض يتناسب مع حجم النيزك..

أما أقرب حادثة خطيرة من هذا النوع -وسبق أن خصصت لها مقالا مستقلا- فوقعت في يونيو 1908 حين سقط مذنب ضخم على سيبيريا أحدث دمارا هائلا انتشر بقطر230 كلم (وهو قطر يتجاوز مدينة الرياض بعشرات المرات). ومن حسن الحظ أن المذنب سقط حينها في منطقة جليدية نائية وخالية من السكان؛ فلو كانت الارض أبكر بدورتها بست ساعات فقط لمحا مدينة سانت بيترسبورج من الوجود ولو كانت أبكر بنصف يوم لدمر كلا من مدينة نيويورك ونيوجرسي..

وتاريخ الأرض الطويل يثبت أن ارتطامات كهذه لا تعد حدثا نادرا أو شاذا، بل تكاد تتكرر بشكل دوري منتظم.. واليوم يدرك علماء الفلك أن الأرض مهددة بأكثر من 4000 نيزك يكفي أصغرها لنشر موجات تدميرية تطال كافة المحيطات (كحصاة ألقيت في بركة ماء).. وهذه "القائمة" تبدأ بالنيازك الخطيرة والقريبة من الأرض وتنتهي بالنيازك الصغيرة والأكثر بعداً عن الأرض.. وأكثر النيازك خطورة (في هذه القائمة) يدعى D17 اكتشف في ديسمبر 2004 وكاد أن يرتطم فعلا بالأرض في مايو 2102. وهو من الضخامة والسرعة بحيث يمكن أن يؤدي سقوطه إلى دمار جزء كبير من الحياة فوق الأرض، وموت ملايين البشر في حالة سقوطه فوق منطقة مكتظة بالسكان..

وفي الحقيقة احتمال كهذا لا يبدو مستبعدا في ظل وجود أحداث مماثلة كادت فيها الأجرام السماوية الضخمة تدمر كوكبنا الصغير.. ففي عام 1989 مثلا مر بقرب الأرض مذنب قطره 500 متر وكانت الارض بأكملها في الموقع الذى مر به (قبل ست ساعات فقط). وفي 17 يناير 1991 اقترب مذنب قطره 9 كلم على مسافة 100 ألف ميل. وفي 20 مايو 1993 اقترب مذنب قطره 11 كلم على مسافة 80 ألف ميل. وفي عام 1994 مر مذنبان كبيران على مسافة 100 ميل. أما آخر الحوادث الخطيرة فوقع في يناير 2003 حين اقترب نيزك صغير يدعى TR3 من الأرض لمسافة تقل عن 9.5 مليون كلم، كان كفيلا بتدمير 95% من الحياة لو سقط على سطح الأرض فعلا!!

.. بدون شك؛ كل حروبنا وخلافاتنا وصراعاتنا البشرية تبدو تافهة مقابل احتمال كهذا!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...