الخميس، 29 أغسطس 2019

ماتشو بيتشو


أولاً: عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير..

أما ثانياً فهو أننا "معاشر الكُتاب" نحتار فعلاً ماذا سنكتب في يوم عيد لا يقرأ فيه أحد الصحف..

ولأنني أمر بهذه المعضلة كل عام - ولأنه لا يليق كتابة ما يسد النفس في يوم الفرح والسرور - انتهيت إلى مقال يحمل اسماً غريباً وقصة أرجو أن تكون خفيفة على قلوبكم..

وقبل أن أخبركم بها دعوني أذكركم بذلك المقال الذي يتحدث عن ظاهرة طمر المدن القديمة، وكيف أن تاريخ أي أمة لا بُد ويتضمن شيئاً عن "مدينة مفقودة" أو "حضارة ضائعة" أو كنوز لايعرف مكانها أحد.. والعجيب أكثر أن معظم هذه المواقع يثبت وجودها فعلا وتنتقل - عاجلاً أو آجلاً - من خانة الأسطورة الى حيز الواقع؛ خذ كمثال (إرم ذات العماد) التي اكتشفت قبل سنوات في عمان تحت رمال الربع الخالي - وتم تحديد موقعها بالأقمار الاصطناعية.. وأيضا مدينة طروادة الأغريقية (التي ينسب إليها حصان طروادة) وتقع الآن على الساحل الجنوبي لتركيا بعد أن اكتشفها عام 1873 عالم الآثار الألماني هنريك سوليمان.. أما في كمبوديا فتحدث الناس لقرون عن وجود مدينة مقدسة مفقودة بين الغابات.. وفي عام 1860 تتبع الفرنسي هنري موهوت عناصر الأسطورة فاكتشف معابد أنكور الخلابة (التي تزيد مساحتها على 80 هكتاراً) في قلب الغابات الاستوائية..

وحين وصل الأسبان الى البيرو في القرن السادس عشر سمعوا عن وجود مدينة ذهبية مفقودة منذ مئة عام تدعى "ماتشو بيتشو". وفي حين فشلوا في العثور عليها طوال ال300 عام التالية اكتشفها عام 1910 مغامر أمريكي يدعى هيرام بينجهام فوق جبال الأنديز!!

.. فقد بنى أباطرة الأنكاس هذه المدينة في مكان مجهول فوق الجبال كملاذ آمن وأخير للسلالة الحاكمة. وكانت تحميها ميزتان لم تتوفرا لأي مدينة في التاريخ: جهل الشعب بموقعها، ووقوعها بين جرفين جبليين على ارتفاع 2400 متر. وحين قتل الغزاة الأسبان الإمبراطور وكافة النبلاء قضوا بذلك على قلة ارستقراطية صامته تعرف موقع المدينة.. ومن يومها تحولت ماتشوبيتشو الى أسطورة واختفت عن الأنظار لمدة 400 عام!!

هذه المدينة شغلت خيال طفل أمريكي يدعى هيرام بينجهام.. فقد سمع بها لأول مرة من صديق والده ثم قرأ عنها في الكتب. وفي عام 1910 شد الرحال الى البيرو عازماً استكشافها رغم نصيحة الجميع بأنها من خيالات الهنود..

وكان بيجهام مصيباً حين افترض انها تستقر فوق أعلى قمة من سلسلة الأنديز الوسطى. وفي تلك المنطقة قابل هندياً أخبره انه شاهد خرائب غريبة في جبل ماتشو. وعلى الفور شكل فرقة بحث تسلقت الى ارتفاع 2000 متر. وهناك اعترضتهم منحدرات نهر ايرومبامبا الخطرة وقرر الهنود عدم الاستمرار والعودة لقراهم. ولكن بينجهام اجتاز المنحدرات النهرية وسرعان ما اكتشف شيئاً شجعه على المواصلة.. فبعد اجتياز النهر اكتشف درجاً صخرياً صاعداً قاده الى ارتفاع 2400 متر. وحين التفت نحو قمة جبل بيكشو شاهد منظراً عجيباً.. كان هناك جسر صخري يربط بين القمتين تستقر عليه المدينة الأسطورية.. كانت منازلها وطرقاتها الفخمة واضحة من الأعلى فأدرك على الفور أنه اكتشف حلم طفولته..

ورغم انها لم تعد اليوم "أسطورة" إلا ان ماتشو بيتشو ماتزال تخفي العديد من الأسرار؛ مثل:

لماذا هجرها أهلها قبل وصول الأسبان بوقت طويل؟ وكيف أخفى الأباطرة سر المدينة عن الأهالي طوال هذه الفترة؟ وهل كان الامبراطور يعرف مكانها حين قتله الغزاة الأسبان في زنزانته عام 1533؟

.. وقبل أن أنسى..

افتح محرك الصور في جوجل وأدخل فيه هذا الاسم : Machu Picchu

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...