الجمعة، 30 أغسطس 2019

لماذا يحب الرجال جيمس بوند؟


المخابرات البريطانية مثل جميع المخابرات حول العالم تطلب من موظفيها التعهد بعدم فضح أسرارها خلال عملهم أو بعد تقاعدهم (وهذا بالمناسبة سر اتهام الجاسوس الأمريكي سنودين بالخيانة)..

لهذا السبب لم يكتب معظم "الجواسيس" السابقين مذكراتهم او يدلوا بآرائهم تحت أي ظرف.. اثنان فقط خرجا عن القاعدة في بريطانيا؛ الأول بيتر رايت الذي الف كتاب "صائد الجواسيس" وفضح عملياتها القذرة أثناء عمله بها. والثاني كان ايان فلمنج الذي فضح جزئيا عمليات التجسس البريطانية من خلال رواياته الشهيرة عن العميل السري "جيمس بوند"!!

كتاب صائد الجواسيس منع في بريطانيا قبل سنوات واشتريته شخصيا عبر البريد. أما روايات فلمنج فانتشرت فى كل مكان وعرفها الملايين من خلال سلسلة أفلام جيمس بوند.. وفي الأساس كان ايان فلمنج مراسلا لوكالة رويترز حين اصبح متعاونا مع المخابرات البريطانية.

وقدم أولى رواياته عن جيمس بوند عام 1953 قبل ان تتحول الى فيلم سينمائي باسم "دكتور نو" عام 1962.. وحاليا وصلت سلسلة جيمس بوند الى الفيلم الرقم 24 (كان آخرها Skyfall في يوليو 2013) وحققت جميعها رواجا كبيرا كون كل فيلم يعمل كدعاية للفيلم التالي...

وجيمس بوند كما يعرف معظمكم عميل سري يمارس عمله "بدم انجليزي بارد" ولا يتوانى عن قتل أعدائه لينقذ العالم من وغد مسيطر او كارثة نووية على وشك الوقوع . وهو من الجواسيس المصرح لهم بالقتل (مثل أي عميل حقيقي يضم قبل رقمه صفرا او صفرين) ويحمل دائما عجائب تقنية مصغرة تنقذه فى الأوقات الحرجة ويشاركه فى كل مغامراته فاتنة حسناء تنجذب إليه بجنون..

وشخصية بوند لم تفقد بريقها وشبابها منذ نصف قرن؛ والرجال على وجه الخصوص يعشقون هذه الشخصية وينجذبون الى كل ما يتعلق بها في حين تكرهها النساء الفاضلات بسبب تبديله المستمر للنساء المتحررات.. ويقول علماء النفس ان سحر هذه الشخصية يكمن فى احتوائها على صفات يتمنى كل رجل نيلها مثل الشجاعة والجراءة والوسامة والثقة بالنفس واحتكار آخر التقنيات ناهيك عن القدرة على جذب النساء وإنقاذ العالم في نفس الوقت…

الأمر العجيب ؛ ان أفلام جيمس بوند تختلف اليوم كثيرا عن الروايات الاصلية التى كتبها ايان فلمنج أيام الحرب الباردة.. فالأفلام الأخيرة بالذات لم تأخذ من روايات فلمنج الا الاسم والمواصفات الشخصية .. وهناك أفلام حورت بما يتناسب مع روح العصر ومشاكل العالم الحالية.. فالروايات الاصلية مثلا لا تضم مغامرات يصعد فيها جيمس بوند الى الفضاء لتدمير مركبة منافسة لأن عصر الفضاء لم يكن قد بدأ حين كتب فلمنج جل رواياته.. ايضا لم تكن الحرب الباردة وسباق التسلح النووي قد تبلورا بشكلهما النهائي حين كُتبت تلك الروايات ومع ذلك رأينا اكثر من فيلم بهذا القالب..

والحقيقة هي أن فلمنج كتب 13 رواية فقط (من مجمل الأفلام) من بعدها أصبح المنتجون يعتمدون كليا على كتاب محترفين "تحت الطلب" وضمن ورشة عمل تضم مخرج الفيلم القادم.. أما الأغرب من ذلك فهو أن فلمنج حين احتار في اسم بطل رواياته الجديدة لم يجد أفضل من جاره الدميم الأصلع والمهووس بتربية الطيور المدعو جيمس بوند.. واليوم أصبح الاسم الأكثر شهرة في العالم وتحول إلى (ملكية فكرية) أكسبت فلمنج الملايين حتى بعد وفاته!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...