السبت، 31 أغسطس 2019

كم مرة تم تدمير مدينة نيويورك!؟


أعتقد أن مدينة نيويورك أكثر مدينة في العالم تم تدميرها في الأفلام.. فشخصيتها المميزة، وناطحاتها الضخمة، ومبانيها المشهورة، شكلت خلفية جذابة لأفلام سينمائية كثيرة..

أضف لهذا أنها موطن العصابات، وبوتقة الأعراق، وقبلة المهاجرين، وموقع روايات وقصص مشهورة ناهيك عن القصص الهزلية التي اتخذتها موطناً ل"سوبرمان" و "سبايدرمان" و"الرجل الوطواط" (خصوصا أن الأخيرين يحتاجان لمبان مرتفعة للتعلق بها)..

وهناك إحصائية طريفة تشير الى أن مواطني نيويورك ومانهاتن تحديدا يمرون في طريقهم ب 42 موقع تصوير سينمائي خلال العام.. ومالم يضع المخرج حواجز واضحة لا يمانع الناس المرور أمام الكاميرا مشكلين بذلك خلفية تلقائية وصادقة عن حياة المدينة..

ومن خلال متابعاتي المتواضعة لاحظت أن المباني الطويلة في نيويورك تشكل عاملاً مهماً في إظهار حجم الدمار الذي تدور حوله قصة الفيلم.. فقد لاحظت مثلا أن مبنى الإمبايرستيت (الذي بني قبل تسعين عاما واحتفظ بالمركز الأول كأطول ناطحة سحاب في العالم لمدة أربعين عاما) تم تدميره أو تفجيره أو إغراقه في أفلام "أكشن" كثيرة.. فقد تم تفجيره مثلا في أكثر من أربعة عشر فيلما حتى الآن (مثل يوم الاستقلال) وإغراقه في خمسة أفلام (مثل عالم الماء) وغطت الكتل الجليدية معظمه في ستة أفلام (مثل الاثني عشر قردا) كما تسلقه الرجل العنكبوت والرجل الوطواط والغوريلا العملاقة كنج كونج (في تسعة عشر فيلماً حتى الآن) !!

.. والفكرة هنا أن ما يحدث لمبنى بهذا الطول يعطي المشاهد انطباعاً أكبر بعظم المصيبة وهول الكارثة ؛ ففي فيلم عالم الماء مثلاً تذوب ثلوج القطبين (بسبب ارتفاع حرارة الأرض) فتغرق قارات ومدن العالم لدرجة "يغوص" البطل إلى حيث توجد نيويورك. وفي فيلم الاثني عشر قرداً تدخل الأرض في موجة صقيع (بسبب الشتاء النووي) فتتراكم طبقات الجليد لدرجة لا يظهر من الإمبايرستيت إلا طوابقه العليا.. وحين تنوي المركبات الفضائية تدمير الحضارة البشرية (في فيلم يوم الاستقلال) لا يجد المخرج أفضل من هذا المبنى العملاق لتفجيره من الأعلى للأسفل برفقة رموز عالمية طويلة كبرج إيفل في باريس وبرج الاتصالات في تورنتو !!

.. أما المفارقة الغريبة فهو أن العلاقة القديمة بين أهالي نيويورك وحوادث الدمار المحتملة ظهرت قبل ظهور الأفلام الحديثة..

ففي عام 1938 بثت إحدى الإذاعات حلقة صوتية مقتبسة من الرواية الشهيرة "حرب العوالم".. ولجذب انتباه المستمعين تم قطع الأخبار الصباحية وأعلن المذيع فجأة ودون سابق إنذار عن تعرض المدينة لغزو كائنات غريبة قادمة من المريخ. ولأن معظم الناس لم يسمعوا الحلقة لآخرها حدثت حالات هستيريا حقيقية، ورعب جماعي، وهروب من المدارس ومقار العمل، لدرجة اضطر عمدة المدينة للاتصال بمحطة الراديو طالبا منها وقف بث الحلقة والإعلان صراحة عن عدم جدية الموضوع.

ومن يومها تعلم أهالي المدينة الدرس ولم يعودوا يبالون كثيرا بما يبث أن يصور عن دمار مدينتهم وهو ما يفسر حالات عدم المبالاة التي أعقبت تفجير برجي التجارة العالمية (في سبتمبر 2011) كون معظم من شاهده على التلفزيون اعتقد أنه.. مجرد فيلم سينمائي آخر !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...