الجمعة، 30 أغسطس 2019

كيف غيرتنا المواقع الاجتماعية؟


محركات البحث على الانترنت تملك إحصائيات عن أكثر الكلمات استخداما في "السنة الماضية".. غير أن كافة الكلمات التي تتصورها - وفي جميع الدول التي تعرفها - تأتي دائما في (المركز الثاني)!!

نعم.. فالمركز الأول محتكر دائماً من كلمة "جنس" ومشتقاتها من صور وأفلام ومواقع إباحية - وبكافة اللغات العالمية.. والحقيقة هي أن جميع الشعوب تشترك في الاهتمام بهذه الكلمة سواء في المجتمعات المتحررة أو المحافظة (التي تدعي عدم الاهتمام بها) وهو مايدل على قوة هذه الغريزة وتغلبها على كافة الأخلاقيات المعلنة أو المستترة!

أما الغريب أكثر فهو أن الكلمة التالية في ترتيب البحث تكون في الغالب كلمات دينية مثل "المسيح" و"الشيخ" و"خطيئة" و"عقاب" - وهو ما يعد في نظري رد فعل على الشعور بالذنب الذي يلي البحث عن كلمات الإباحية!!

المفاجئ في الموضوع أن مواقع التواصل الاجتماعي أطاحت في السنوات الأخيرة بكافة الكلمات السابقة.. فلأول مرة في تاريخ الانترنت تتقدم كلمات مثل "تويتر" و"فيسبوك" على الكلمات الإباحية والدينية في محركات البحث الكبيرة.

ففي محرك جوجل مثلا (الأكبر على النت) تأتي كلمة Facebook في المركز الثاني كأكثر الكلمات التي يبحث عنها الناس في معظم الدول - رغم أن معظم الناس يدخلون على الموقع دون المرور بجوجل.

أما المركز الأول فاحتله موقع QQ الصيني الذي لا يعرفه معظمنا ولكنه يشبة موقع الفيسبوك (الممنوع في الصين) ويعمل كبديل له في الصين ودول شرق آسيوية كثيرة..

وما يؤيد هذا التوجة أن تويتر - الذي يحظى بشعبية طاغية في السعودية - يأتي أيضا في مركز متقدم مع مواقع وبرامج اجتماعية أخرى لا تحظى لدينا بنفس الشعبية مثل MySpace وFriends وOrkut وHi5وMixi وTagged!!

والحقيقة هي أن مواقع التواصل الاجتماعي غيرت - ليس فقط حياتنا - بل وهيكلية الانترنت وطريقة التعامل التجاري والاجتماعي بين الناس.. والعجيب أنها فعلت ذلك بسرعة كبيرة وبطريقة غير متوقعة فاتت حتى على شركات قيادية مثل ميكروسوفت وياهوو وجوجل (التي استهانت بشعبية المواقع الاجتماعية ولم تبادر للاستحواذ عليها في بداية ظهورهما).

ويعود السر في نظري إلى أن الناس تثق بالأصدقاء (سواء في طلب النصيحة أو المشورة أو حتى البحث في الانترنت) أكثر من المواقع الالكترونية التي تعتمد على المعادلات الرياضية والذكاء الاصطناعي المجرد من العواطف.. فالإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي لا يستغني عن التواصل مع الآخرين - بدليل أنه المخلوق الوحيد القادر على النطق وفهم الحديث المسموع.. والشعبية المتزايدة لبرامج التواصل الاجتماعي دليل على أن غريزة القطيع لديه أقوى من غريزة الجنس، وأن انتماءه إلى "المجموعة" يمنحه شعوراً بالاطمئنان أكثر من تبنيه للمغيبات الدينية!

وأعتقد شخصيا أن رواج المواقع الاجتماعية في السعودية له سببان إضافيان:

الأول: عملها كمنابر عامة للتعبير عن الرأي.

والثاني: طبيعتنا المحافظة التي تضطرنا دائماً للتواصل "من وراء حجاب"!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...