الجمعة، 30 أغسطس 2019

من حق الزبون رؤية المطبخ


بالإضافة الى الازدحام، والاستعجال، ومقاطعة الجيران، تتميز المدن الكبرى بعادة الأكل خارج المنزل.

وهذه الظاهرة تفسر كثرة المطاعم داخل المدن مقابل شحها في القرى والأرياف حتى قياسا بمعدلها للسكان. ففي الرياض مثلا يوجد أكثر من 36000 مطعم الأمر الذي يفسر وجود عدد مماثل من الصيدليات التي تبيع عقاقير الحموضة وتسهيل الهضم..

وأنا لا أتحدث من موقع الناقد أو المتذمر ولكن ما يقلقني فعلا هو عجز الجهات الرسمية عن متابعة هذا الكم الهائل من المطاعم.. فحتى لو كانت تملك "جيشا" من المفتشين لن تنجح في كشف ما يجري خلف الكواليس وداخل المخازن والمطابخ ذاتها.. وبعد أن أُصيب ثلاثة من أفراد عائلتي بنزلة معوية فكرت أن أتقدم باقتراح خطر ببالي منذ وقت طويل لمتابعة هذه الأعداد المرعبة من المطاعم - خصوصا أنها أصبحت مع "المولاتّ" المتنفس الوحيد للعائلات السعودية..

.. وتعتمد الفكرة على مشاركة الزبائن في مسؤولية المراقبة والحفاظ على سلامتهم قبل أي جهة رسمية.. وهذا الاقتراح - الذي أرجو أن تتبناه أيضا البلديات والجهات المعنية - خطر ببالي أثناء وجودي في مطعم ماليزي تم تصميمه بطريقة فريدة.. فقد كانت طاولات الزبائن تحيط بالمطبخ الذي يمكن رؤيته من كل جهة بفضل جدران زجاجية تمنع خروج الروائح وأصوات العمال.. وأذكر حينها أن شعورا بالاطمئنان انتابني لمجرد رؤيتي للشيف أثناء عمله وقدرتي على متابعة مايفعله العمال في الداخل (وبالتالي كنت أملك خيار البقاء أو الخروج قبل حضور الطلب).

فمن طبيعة البشر (بما فيهم أنا وأنت) أن يعملوا بشكل أفضل (وأكثر دقة وأمانة) حين يدركون أنهم مراقبون ومكشوفون للآخرين.. أما حين يزاولون أعمالهم في الخفاء فيبدأ حينها الإهمال والغش والخداع ومزاولة عملهم بطريقة غير صحية أو آمنة...

وبناء عليه يجب على الجهات الرسمية إفهام مُلاك المطاعم والعاملين فيها أن من حق الزبون رؤية المطبخ ودخول مواقع التخزين وتحضير الطعام إن طلب ذلك (المهم أن يكون خط سير الزبائن موضحا بأشرطة أو قضبان معدنية لضمان سلامتهم وعدم تداخلهم مع العمال أثناء عملهم).

والجميل في هذا الاقتراح أن الزبائن (الذين يقدر عددهم بالآلاف لكل مطعم) يقومون بهذا الدور نيابة عن المراقبين الصحيين الذين لايتجاوز عددهم الستمئة في كامل الرياض (أي بمعدل مراقب واحد لكل 60 مطعما)!!

وحين يصبح الأمر معتادا ستتقبله المطاعم بصدر رحب وتتنافس على المكاشفة وفتح الأبواب لتأكيد جودة عملها - بل وستلح على الزبائن لعمل جولة كهذه كون رضاهم يعني جلب المزيد من الزبائن.. أما العائلات فستكتشف متعة جديدة في زيارة المطبخ ورؤية الشيف أثناء عمله وحديثه مع ربة البيت عن سر هذه الطبخة أو تلك الأكلة..

المشكلة الوحيدة هي أن التصميم الداخلي لبعض المطاعم لا يسمح بزيارة المطبخ.. في هذه الحالة لابد من وجود نافذة زجاجية أو شاشات تلفزيونية تتيح للعملاء رؤية ما يحدث (ولو كان المالك ذكيا يضع أيضا شاشة في الشارع كما رأيت في اليابان كدعاية للمطعم وتأكيد لمستوى النظافة في المطبخ)..
بقي أهم سؤال في الموضوع:

كيف يُبلغ الزبون الجهات الرسمية بملاحظاته السلبية؟

.. الحقيقة هي أن معظمنا لا يعرف كيف يفعل ذلك.. لهذا السبب أقترح تخصيص رقم هاتفي موحد لاستقبال الشكاوى يوضع في مكان واضح للجميع (كمدخل المطعم أو خلف المحاسب أو يطبع على الفاتورة وقائمة الطعام).. إن فعلنا ذلك ستكون للرقم ذاته قوة ردع كبيرة كون مجرد علمك به سيجعل العاملين - وبكافة مستوياتهم - سيحرصون على عدم اتصالك به (خصوصا حين يوجد قانون يقتضي إغلاق المطعم تلقائيا بعد نسبة معينة من الاتصالات)!!

.. مجرد اقتراح بسيط وفعال وغير مكلف ويعتمد باختصار على:

حق الزبون في رؤية المطبخ قبل جلوسه على الطاولة.. وقدرته على الاتصال برقم موحد بعد قيامه عنها..

.. وسلامتكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...