السبت، 31 أغسطس 2019

لماذا لا نحب الأطباء؟


من باب المشاكسة طرحت هذا السؤال على زوجتي الدكتورة نجاة..

توقعت أن تدافع بحرارة عن زملاء المهنة، ولكن يبدو أن ترؤسها لأقسام الأطفال جعلها في منصب المدير المتذمر أكثر من الطبيب المتعصب!

... كان يمكن لسؤالي هذا أن ينتهي بمجرد (رفع ضغطها) ولكن حين أجابتني "لأسباب كثيرة" تملكني الفضول لمعرفة هذه الأسباب..

ومن هنا بدأنا نتلمس دوافع الشكوى الدائمة من الأطباء، وما إن كانت حقيقية وواقعية، أم خاطئة ونابعة من جهل المرضى بأصول المهنة؟

الحقيقة هي أن كليهما صحيح.. فمن وجهة نظر الناس يملك الأطباء سمات سلبية كثيرة أبرزها:

التعالي والعجرفة (فالطبيب بالكاد يتحدث أو ينظر للمريض)!

عدم الاستماع لشكوى المريض بعمق واهتمام (وقد لا يزوره أصلاً مكتفياً برؤية الملف أو الحديث بالهاتف)!

يعمل بطريقة آلية مبرمجة (ويتضح ذلك من إرشاداته للممرضة أو الاستغراق بملء ملاحظاته عن الحالة)!

الاستعجال الدائم وتأخير المراجعين (بحيث يحظى المريض بخمس دقائق كشف مقابل خمس ساعات انتظار)!

الحديث باقتضاب شديد وعدم الشرح للمريض (رغم أنه أتى أساساً للاطمئنان على صحته)!

الجلافة وعدم امتلاك حس إنساني (فبدل طمأنتك يخبرك ببرود عن إصابتك بالسرطان أو وفاة ابنك دماغياً)!

التركيز على الجانب المادي وطلب تحاليل وكشوفات وأشعة ليس لها داع (في المستشفيات الخاصة بالذات)!

وأخيراً، وليس آخراً ؛ نسيان رسالة الطب من أساسها ورفض مساعدتك أو التهرب من علاجك لأسباب كثيرة (كعدم دفع الفواتير، أو عدم حمل بطاقة التأمين، أو عدم وجود تحويل طبي، أو ببساطة لأنك غير سعودي)!!

... وحين سألت أم حسام عن أبرز ما يغضب الأطباء من المرضى (أي العكس) قالت:

عدم فهم المريض لمبدأ الأولويات في الكشف والعلاج (فحين تأتي بيد مكسورة أو بطفل ابتلع شيئاً فهذه ليست حالة طارئة مقارنة بحالات يمكن أن تتسبب بالوفاة خلال دقائق كسكتة قلبية أو طعنة بالرقبة أو نزيف داخلي)!!

عدم التحديد واستغلال رؤية الطبيب للتذمر من كل شيء (فترى المريض يتشكى من أوجاع قديمة ودائمة ومستوطنة ومتشعبة حتى يحتار الطبيب على ماذا يكشف ومن أين يبدأ)!!

أو قد يفعل العكس فيخفي معلومات طبية مهمة (كوجود أمراض وراثية أو تاريخية في العائلة) أو سوابق مرضية وحالات مماثلة (بسبب الحرج أو خشية المسؤولية)!

وهناك من المتفيهقين والمستعرضين ممن يقرأون شيئاً في النت أو يشاهدون شيئاً على التلفزيون فيرشدون الطبيب لفعل كذا أو ترك كذا (والأسوأ من ذلك حين يقول: ولكن زميلك الأصلع شخّص حالتي بكذا وكذا)!

وبطبيعة الحال يغضب الطبيب حين يصرخ أحد في وجهه أو يتهمه بالتقصير أو يهدده برفع شكوى (ثم يتوقع أن يعامله بلطف وإنسانية وابتسامة جميلة)!

كما يكره الطبيب تضييع وقته وتأخيره عن بقية المراجعين بسبب إصرار المريض على ذكر كافة التفاصيل العائلية التي لا يهمه سماعها (كإهمال الشغالة للطفل، أو مكر الطبيبة بالأم، أو قلة راتب الأب)!

وهناك اعتقاد المريض بأن الطبيب الذي لا يصف له أدوية كثيرة أو مضادات قوية هو طبيب فاشل (رغم أنه على العكس قد يحاول حمايتك من آثار جانبية ضارة، أو يخشى إضعاف جهازك المناعي بكثرة المضادات)!

وأخيراً؛ الطبيب يكره التصرف بقلة ذوق، وتجاوز الدور، واستعجال التشخيص، والخروج قبل إكمال التحاليل، ودخول العيادة بلا استئذان، ونصح أو تحريض مرضى الآخرين!!

... أود فعلاً سماع آرائكم وتجاربكم الشخصية عما تكرهونه في الأطباء.. وفي المقابل؛ ما تكرهونه فيمن يجلس قربكم أثناء مراجعتكم للأطباء...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...