السبت، 31 أغسطس 2019

إخوان في الهلوسة


قرأتُ ذات يوم تقريرا يفيد بأن الزوجين - بعد طول عشرة - يميلان الى التشابه مع بعضهما بنسبة كبيرة.. والتشابه الذي نعنيه هنا لا يقتصر فقط على طريقة التفكير وتبنيهما لذات المبادئ والأفكار، بل ويمتد الى التشابه في الملامح وطريقة الكلام والابتسامة والتمتع بصفات جسدية مشتركة.. فكلما امتد الزمن بالزواج الناجح اكتسب الزوجان صفة جديدة من بعضهما البعض - أو تبنى الناس حيالهما صفة جسدية أو نفسية مشتركة!!!

أما الأغرب من التشابه في الملامح وطريقة التفكير، فهو التشابه في الهلوسة والجنون والحالة النفسية المضطربة (على طريقة ريا وسكينة أشهر سفاحتين في تاريخ مصر)..

وأذكر أنني تعرضت لقصة زوجين تعرضا لعزلة من مجتمعيْ البيض والسود على حد سواء (حيث فضلت الشقراء بيتي الزواج من الزنجي بارني).. وفي أحد الأيام قرر الزوجان عرض نفسيهما على طبيب نفسي لشعورهما بفقد عدة ساعات من يومهما على أحد الطرق الزراعية في المسيسبي. وبعد أن اجتازا العديد من الاختبارات النفسية أُخضعا لاستجوابين منفصلين تحت تأثير التنويم المغناطيسي. وكانت النتيجة (التي فاجأت الأخصائي نفسه) اقتناعهما بأنهما اختطفا من قبل مخلوقات فضائية أثناء توقف سيارتهما في طريق زراعي قبل أن يتم اقتيادهما إلى مركبة غريبة حيث تم فحصهما وإجراء اختبارات طبية عليهما..

.. وكان من الواضح أنهما يشتركان في حالة هلوسة عميقة ترسخت في أذهانهما كخبرة حقيقية مشتركة (وظهرت على هذا النحو حتى أثناء التنويم المغناطيسي).. ويبدو أن عناصر الحادثة تبلورت بسبب العنصرية والعزلة التي تعرض لها الزوجان من مجتمعيْ البيض والسود - وظهرت على هذا النحو حين تهيأت لها الظروف المناسبة!!

أما أفضل حالة تم توثيقها (بالفيديو) فحدثت بين زوجين من شيكاغو يمران بحالات هلوسة يشاهدان خلالها أشخاصا يحاولون الاعتداء عليهما أو سرقة منزلهما.. وفي إحدى المرات أفادت الزوجة مارجريت باجيو أنهم (أي الأعداء الخياليين) وضعوا عنكبوتا ساما في جوربها فأيدها مشيل فورا وقال فعلوا معي نفس الشيء أيضا.. وحين ادعى الزوج مشيل أن أحدهم يملك ملامح عيسى المسيح أيدته زوجته مارجريت وأضافت أنه كان يحمل رشاشا ويلبس بطريقة ألفس بروسلي (وبدا زوجها في المقطع التلفزيوني يهز رأسه مؤيدا)..

وكان أطباء الجيش الأمريكي - أثناء الحرب الكورية - قد لاحظوا وجود حالات جنون مشترك بين جنود متقاربين في السن أو المنشأ أو خاضوا معا مهام صعبة. ثم تكررت ملاحظة هذه الحالات في المجتمع المدني حيث يمكن أن يشترك شخصان (وربما مجموعة دينية أو عسكرية كاملة) في حالات هلوسة أو جنون أو اضطرابات نفسية تم خلالها "استنساخ" العناصر السلبية بذات الكم والنوعية (بدليل حالات الانتحارات الجماعية التي مر بها كثير من المجمعات الدينية في أمريكا وأوروبا واليابان)..
السؤال الكبير هو:

.. إن ثبت فعلا إمكانية اشتراك شخصين (أو مجموعة كاملة) بأعراض الجنون والهلوسة، فكيف نضمن عدم اشتراك أمم بأكملها بذات المشكلة؟

.. سأترك الإجابة مفتوحة لسيادتكم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...