السبت، 31 أغسطس 2019

الرجل العصامي ليس بخيلاً كما نعتقد


هناك فرق كبير بين ثري ورث المال، وثري عصامي صعد من الصفر.. الأول لا يعرف القيمة الحقيقية للمال ويصرفه بنفس سهولة حصوله عليه.. لا يتردد في الإسراف والتباهي والفشخرة على عباد الله (إلا من رحم ربي) كونه لم يجرب طعم الفقر ولا صعوبة جمع القرش على القرش..

وفي المقابل يستحق الرجل الثاني الاحترام والتقدير (ليس فقط لأنه انطلق من الصفر) بل ولأن المال لم يُغير حياته ومعدنه الأصيل.. فهو قبل أن يصبح ثرياً جرب الفقر والحاجة، وقبل أن يصبح محنكاً مر بتجارب الحياة وتقلباتها، وقبل أن يحظى باحترام الناس تعلم أن الناس لا تحترم غير الدرهم والدينار..

من أجل هذا كله أصبح يدرك أن المال الذي يملك منه الكثير مجرد مظهر خارجي لا يعبر عن معادن الرجال، ولا يمكن لرجل يحترم نفسه أن يسمح للمال بالتأثير عليه.. حين تجلس مع رجل عصامي تكتشف قدراً هائلاً من التواضع كونه جرب مرارة الفقر والحاجة ويدرك أن للمال قيمة حقيقية تساوي قدراً معلوماً من الجهد والشقاء والتعب.. تكتشف قدراً هائلاً من الثقة في النفس كونه لا يصدق بأن ساعة راقية أو سيارة فاخرة أو منزلاً جميلاً يمكنها رفع أو خفض نظرته لنفسه أو منزلته لدى الناس..

ولأنه لا يعترف بكل هذا لا تكاد تميزه من بين عامه الناس (لدرجة قد تهمس في أذن جليسك: متأكد ان هذا الرجال يملك الملايين!!؟).. وسؤال كهذا يذكرني بتعليق قرأته في كتاب جارك المليونير أتى على لسان السكرتير السابق لوزارة الخزانة الأمريكية.. فحين دعي لحفل جمع أثرياء أمريكا، وحين دخل إلى قاعة الاحتفال جال ببصره بينهم وقال: "لايمكن لهؤلاء الناس أن يكونوا مليونيرات.. فهم لا يبدون كالمليونيرات ولا يلبسون كالمليونيرات ولا يأكلون كالمليونيرات ولايتصرفون كالمليونيرات ولا حتى يملكون أسماء توحي بأنهم مليونيرات.. أين المليونيرات الذين يشبهون المليونيرات"!!؟؟

وهذا التعليق يؤكد أننا (نحن) من يرسم للمليونيرات صورة خاطئة قد لا تنطبق إلا على فئة قليلة منهم (وتحديداً من ورث المال دون عناء).. ف80% من أثرياء أمريكا صعدوا من الصفر ومروا في حياتهم بمختلف مراحل الفقر والحاجة.. ولهذا السبب اكتشف مؤلف الكتاب السابق أن:

نصفهم يلبسون ساعات لا يتجاوز ثمنها 235 دولاراً، وربعهم فقط يلبسون ساعات يفوق ثمنها الألف دولار!

ونصفهم لم يشتروا يوماً بذلة يتجاوز ثمنها 399 دولاراً، كما أن نصفهم لم يشتر يوماً حذاء يتجاوز ثمنه 140 دولاراً!!

و23% فقط من الأثرياء العصاميين يسوقون سيارات موديل "هذا العام" والبقية موديلات قديمة أو سابقة والأغرب من هذا أن شاحنة فورد للدفع الرباعي (لا المرسيدس أو البي أم) تأتي على قمة السيارات المفضلة لديهم في أمريكا!!

.. غير أن هذه الأرقام لا يجب أن تخدعك؛ فقد أتضح أيضاً أن الأثرياء (العصاميين) لا يترددون في الإنفاق بسخاء إن تعلق الأمر بصفقة مربحة أو علاج أحد أفراد العائلة أو توفير تعليم مرتفع للأبناء أو حتى أخذ إجازة بعد سنوات عمل مرهق!!

.. وتلخيصا لكل هذا نقول:

الرجل العصامي ليس بخيلاء كما تعتقد، بل ذكياً في جمع المال، وكريماً في صرفه، وأعلم مني ومنك بتأثيره!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...