الأربعاء، 7 أغسطس 2019

أمنا الكبيرة


تحدثت قبل أيام (في مقال بعنوان: قبل وفاة الأرض) عن وصول كوكبنا الأزرق إلى سن الشيخوخة، التي تعقبها بالضرورة حالة هرم وعجز ووفاة..

وقلت حينها إن البشر لا يحتاجون إلى كواكب بديلة (حيث يزخر الكون بعشرات البلايين منها) بل إلى كوكب توأم يشبة أرضنا في كل شيء بدءا من الحجم والكثافة والجاذبية إلى توفر الماء والأوكسجين والبعد المناسب عن "الشمس"...

وهذا المطلب الصعب هو ما يمنعنا من العيش على 99,99% من كواكب الكون مجتمعة ويعيدنا للبحث في طبيعة الأرض نفسها ولماذا تناسب الجنس البشري بالذات؟

وقبل أن نتحدث عن المواصفات (الخاصة جدا) لكوكبنا الأزرق أشير أولا إلى أن البشر هم أبناء الأرض فعلاً.. فهي أمهم التي خلقوا منها وعاشوا بخيراتها وإليها يعودون للتحلل والدخول تارة أخرى ضمن نباتات ومخلوقات جديدة ، مصداقا لقوله تعالى:«منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى»

أما بخصوص المواصفات الفيزيائية والفلكية للأرض فلاحظ أنها لو لم تكن في مدارها الحالي لكانت (أماً) أقرب للشمس بحيث ترتفع حرارتها لدرجة يصعب العيش فوقها، أو أبعد من الشمس بحيث يسودها الزمهرير فتتجمد المياة ويسيل الهواء فلا تظهر الحياة فوقها أصلا !!

أيضا ليس من قبيل الصدفة أن تدور الأرض حول محورها بسرعة 1000 ميل في الساعة ؛ فلو كانت تدور مثلا بسرعة 100 ميل في الساعة لأصبح النهار أطول مما هو عليه الآن بعشر مرات الأمر الذي سيرفع درجة الحرارة خلال النهار إلى حدود لا تتحملها معظم الأحياء كما سيطول الليل بنفس النسبة وتتجمد المخلوقات في الجهة الأخرى التي لا يصلها ضوء الشمس!

ولو لم يكن محور الأرض مائلا بدرجة 23 تحديداً لكان القطبان في حالة غسق دائم وانتفى وجود الفصول الأربعة واتجه بخار المحيطات نحو القطبين مشكلاً قارات جليدية في الشمال والجنوب تاركاً المناطق الاستوائية في حالة تصحر دائم!!

حتى القمر تابع الأرض الوحيد يوجد أيضا في البعد المناسب لاستمرار الحياة على الكوكب؛ فلو كان أقرب مما هو عليه الآن (240,000 ميل) لتسببت جاذبيته في ازدياد قوة المد إلى حد تدمير الشواطئ وغمر جميع المدن الساحلية مرتين في اليوم وبارتفاع ميل ونصف.. وحين تنحسر المياه سينسحب البحر إلى مسافات بعيدة جداً بشكل لا يناسب ظهور أو عيش المخلوقات البحرية.. أما لو ابتعد القمر أو هرب نهائياً فستفقد الأرض توازنها وستتأرجح حول محورها بشكل يجعل المحيطات تغمر جميع القارات ثم تنحسر عنها بمعدل مرتين في اليوم (تصور !!)

أيضا لا ننسى جاذبية الأرض التي تقع ضمن الحدود المناسبة للحياة ؛ فلو كانت أقل مما هي عليه الآن لعجزت عن "مسك" الهواء حولها ولانطلق لأعماق الفضاء ولأصبحت الأرض كالقمر والمريخ لا يحيط بهما غلاف جوي يمنح سكانها نعمة التنفس. أما لو كانت الجاذبية أقوى مما عليه الآن كما في كوكب المشتري مثلا سينضغط الغلاف الجوي لدرجة تحول طبقاته السفلى إلى سائل لزج بقوام العسل (ولأصبح البشر كقطع العجين المسطحة بسبب الضغط الهائل للجاذبية)!!

وفي الحقيقة هناك الكثير الكثير من المعايير المشابهة التي تثبت ان الأرض دون غيرها من كواكب الكون تملك المواصفات المطلوبة لحياة البشر فوقها .. وهذه الحقائق المدهشة يمكن جميعها ضمها تحت قوله تعالى :«والأرض وضعها للأنام» أي هيأها في أنسب حال لمعيشة الخلائق وحياة الناس!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه

ما لا يمكن قياسه؛ لا يمكن مراقبته، أو محاسبته، أو تطويـره أو الحكم عليه..  وبناء عليه؛ (ما لايمكن قياسه) يُـصبح عرضه للإهمال والفساد والتراج...