بدأت البشرية بعائلة صغيرة مكونة من آدم وحواء ومجموعة من التوائم.. وبهذا العدد الصغير لم تكن هناك حاجة للتمايز كون أفراد العائلة يشتركون غالبا بنفس اللغة والمعتقدات والأفكار..
ولكن حين بدأ البشر بالتكاثر والانتشار - خصوصا في عالم ما بعد الطوفان - بدؤوا يتمايزون لغويا وعرقيا وثقافيا فظهرت "المجتمعات".
وباستمرار تكاثرهم كان من الطبيعي أن يستمر تمايزهم ضمن تكتلات أكبر تجمع أصحاب اللغة والدين والعرق والثقافة الواحدة، وبهذه الطريقة ظهرت القبائل والدول والحضارات.
واليوم أصبح لدينا أكثر من 200 دولة ترسم حدودها، إما على أساس قومي (كحدود سوريا مع تركيا أو العراق مع إيران) أو على أساس ديني ومذهبي (مثل بريطانيا مع ايرلندا الشمالية وإسرائيل مع الدول العربية) أو على أساس عرقي (كحدود الهند مع الصين أو ليبيا مع النيجر) أو حتى على أساس تاريخي واستعماري (كمعظم الحدود العربية/ العربية)!!
وعناصر التميز هذه تؤثر عكسيا على طبائع البشر فتخلق لكل شعب صورته الخاصة ونكهته المميزة.. فالبشر ينصهرون داخل حدودهم السياسية ويتبلور بينهم نمط عام وصفات مميزة يلمسها كل غريب.. اسأل نفسك مثلا ما الذي يجعل الفرنسي فرنسيا، والأمريكي أمريكيا، والياباني يابانيا، والسعودي سعوديا؟.. ماهي الصفات المزاجية والأخلاقية التي تجعلك أنت تفرق الهندي عن البنغالي، والمصري عن اللبناني، والايطالي عن الأسباني؟
سأترك لك حرية المقارنة ولكنني شخصيا أملك كتابا طريفا بعنوان: (تعرف أنك لبناني عندما) من تأليف رسام كراكاتير يدعى كريم الدحداح.. وهو يتضمن رسوما طريفة وتعليقات لا تخلو من النقد تساعد اللبنانيين قبل الأجانب على فهم أنفسهم.
يقول الدحداح مثلا:
تعرف انك لبناني حين لا تيأس من محاولة الهجرة لأمريكا وأوروبا!
وتعرف أنك لبناني حين تعتقد أن وقوفك في الطابور تصرف غبي!
وتعرف أنك لبناني حين تتشاجر مع أصدقائك لدفع فاتورة الأرجيلة!
وتعرف أنك لبناني حين تتخطى فاتورة زواج ابنتك ميزانية دولة أفريقية!
وتعرف أنك لبناني حين لا تمل سماع أغاني فيروز كل صباح!
.. أما بخصوص فرنسا والفرنسيين فأذكر أن صحيفة الليموند حاولت معرفة أبرز العناصر التي تميز فرنسا وتجعلها "فرنسية" في نظر الأجانب.. ومن خلال إجابات السياح استخلصت العناصر التالية:
رؤية برج ايفل من كل مكان!
وجود أنواع محيرة من الأجبان!
النبيذ الأحمر، وأكل كبد البط، وتناول الخبز الفرنسي!
التأنق، والعطور، والارتباط بالماركات العريقة!
(عنطزة) الفرنسيين وعدم تداخلهم مع الأجانب!
تصنع عدم فهم اللغة الانجليزية والإصرار على الحديث بالفرنسية!
.. وعلى نفس السياق - وبما أنني عشت في أمريكا - يمكنني إخبارك بأنك ستكون في بلاد العم سام:
حين يتحدث معك الغريب وكأنه يعرفك منذ زمن بعيد (هللو كيف حالك اليوم؟)
وحين يتجمع البيض في ضواحي المدن، ولا يبقى في "الداونتاون" غير السود والمهاجرين..
حين تكون الانتخابات على أشدها، ولكن لا يوجد غير مرشحين للرئاسة.
حين يحارب الجيش الأمريكي في آسيا وأفريقيا دفاعا عن حرية المواطن في فلوريدا.
حين لا يفرق الناس بين كوريا واليابان، والسعودية وفيتنام، وأسبانيا والبرتغال..
حين يعتقد طلاب المدارس أن كوبا ولاية أمريكية، وأن القذافي مخلوق فضائي.
وأخيرا؛ حين يصف المعلق الرياضي مباراة السوبربول ب "نهائي العالم في كرة القدم الأمريكية"!
.. وقبل أن أنسى أيها السادة؛
أخبروني أنتم عن أبرز الصفات والمفارقات التي تمييزنا نحن كسعوديين؟
لو هبط بيننا طبق فضائي كيف يعرف أنه في السعودية وليس في اليابان أو البرازيل مثلا؟
.. أخبروني بآرائكم على الموقع الإلكتروني، وأعدكم باستعراضها بعد عدة أيام في الصحيفة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق